يقول السائل : حكم الشرع في توحيد رؤية الهلال بين أقطار الأمة مثل يوم عرفة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
حكم الشرع الله أعلم ما يستطيع إنسان أن يجزم بهذه المسألة وأن يقول بحكم الشرع إنما الإنسان ينظر ويقول هذا ما ظهر لي، أما أن يقول حكم الشرع لا لكن يقول حكم به أهل الشرع أو قاله أهل الشرع أما الشرع في المسائل التي يقع فيها خلاف يجتهد الإنسان في المسألة وينظر ما هو الأقرب إلى الصواب، وهذه المسألة الجمهور على أن المطالع تختلف واختلفوا في هذا، الشافعية رحمهم الله اختلفوا والإمام أحمد رحمه الله يقول إذا رئي في بلد يصوم جميع الناس والأظهر والله أعلم هو ماذهب إليه كثير من أهل العلم.
وقوله: توحيد الرؤية في الحقيقة بعض الناس يحمل مسألة توحيد الرؤية ما لا تتحمل ويظن أنها كأنها مشكلة وكأنها مصيبة والحقيقة لا إشكال فيها ولا مصيبة فيها وبعضهم يعقد لها مؤتمرات وتصرف لها الأموال وقد لا يكون هناك حاجة لمثل هذا الشيء، ما الضرر في أن يصوم المسلمون كل يصوم على رؤيته؟ ما الضرر في ذلك؟ وما الإشكال حينما يحمل بعض الناس هذه المسألة أكثر مما تحتمل، نريد أن نوحد الأمة، توحيد الأمة على عبادة الله سبحانه وتعالى هذا هو التوحيد الحقيقي توحيدها على عبادة الله سبحانه وتعالى وعلى امتثال أمره سبحانه وتعالى أما هذا لا يؤثر ولا يضر الصلاة تختلف في كل بلد التي هي أعظم ولا تتوحد الصلاة تختلف من كل بلد، وإن كان صوم رمضان هو شهر في العام مرة واحدة كذلك الصلوات المسلمون يصلون في اليوم والليلة، كل المسلمين يصلون في كل يوم وليلة خمس صلوات وصلاتهم مختلفة هذا يصلي الفجر وهذا يصلي الظهر في يوم واحد وهذا لا أحد يقول بالتوحيد فيه لاختلاف دخول وقت الصلاة. كذلك الرؤية هي من هذا الباب وهذا هو الذي في زمن عز الإسلام وظهور الإسلام كان أهل الشام لهم رؤية وأهل المدينة لهم رؤية في عهد الصحابة ولم يقولوا نوحد الرؤية بل قالوا:" هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1) فليس هناك إشكال ولا مصيبة ولا أي ضرر في أن يصوم كل بلد بحسب رؤيته لا ضرر في هذا والحمد لله، ولم يزل المسلمون على هذا أربعة عشر قرن وكل يصوم على رؤيته بل في حال عز الإسلام وهذا ليس فيه قوة للإسلام وليس فيه توحيد للمسلمين أبدًا.لأن المسألة مسألة خلافية فمن أخذ بقول من هذه الأقوال فهو على خير ومجتهد وله أجر" إن أصاب له أجران وإن أخطأ له أجر واحد"(2)، ولهذا يقول كريب: أرسلتني أم الفضل، أرسلته أم الفضل إلى الشام لحاجة لها فوردت الشام ليلة السبت ورأينا الهلال ليلة السبت ورآه معاوية فصام وصام الناس في الشام ليلة السبت ثم قضيت حاجتها فجئت أو قال نعم أو قال أنها ليلة الجمعة، يوم الجمعة ليلة السبت قال فجئت إلى المدينة وقد قضيت حاجتها واستهل علي الهلال يعني هلال السبت قال فجئت المدينة وأخبرت ابن عباس وقال لي متى رأيتم الهلال قلت رأيناه ليلة السبت فصام وصام الناس قال: فإننا لا نفطر حتى نكمل العدة أو نرى الهلال يعني لا نعتبر برؤيتك قال: فقلت ألا تأخذ برؤية معاوية قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بالمدينة(3). هذا لا بأس به ولا ضرر في ذلك كما تقدم، ولهذا كان القول المعتمد عند كثير من أهل العلم أن يبقى الناس على ما هم عليه وكل بلد يصوم على رؤيته. وبعض أهل العلم يقول: إذا تقاربت المطالع فإنهم يصومون لكن المعتمد أنه إذا كان بلد واحد فإن جميع البلد دولة واحدة وبلد واحد أنهم يصومون صومًا واحدًا ويفطرون فطرًا واحدًا،" "الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ" (4)، أما يوم عرفة، يوم عرفة ما فيه توحيد يقول كما توحد الناس يوم عرفة أنا ما أدري ماذا يريد، يوم عرفة يوم كرمضان، الناس يوم عرفة في مكة والعيد في مكة ليس كالعيد في غير مكة فأهل مكة يوم عرفة يقفوا يوم عرفة ربما يكون اليوم التاسع يوم العيد في بلد آخر في غير اليوم الموافق ليوم عرفة كل بلد يصوم لرؤيته، ولهذا ربما أنت تصوم والناس في عرفة في بلد آخر فلهذا فالحكم واحد كذلك في يوم عرفة لكن أهل عرفة الذين وردوا إليها من سائر البلاد في يوم واحد يتحدون كما أن الناس إلى مكة من سائر البلاد أو في أي بلد من البلاد حينما تسافر حكمك حكم البلد الذي أنت فيه، حينما تسافر من بلدك مثلاً إلى بلد آخر وأهل بلدك رأوا الهلال وأنت في هذا البلد لم ترى الهلال حكمك حكم البلد الذي أنت فيه ولا تأخذ برؤية بلدك فأنت تابعٌ للبلد الذي أنت فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (28) (1087)،
(1) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ" .أخرجه البخاري (7352)، ومسلم (1716)،
(3) أخرجه مسلم (28) (1087)،
(4) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون ) رواه الترمذي وقال : حسن غريب . وأخرجه أبو داود(2324) وابن ماجه(1660) وذكر الفطر والأضحى فقط . وأخرجه الترمذي(697) من حديث عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحون ) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب قال : وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا : الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/114).