• تاريخ النشر : 19/02/2017
  • 742
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1436
السؤال :

يقول السائل : أين يقف الصبي خلف الإمام ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; البالغون من ذوي الأحلام لا يكون مجرد بلوغ وليس له فهم، والنُهيَ هي: ما ينهي الإنسان الشيء الذي ينهاه عن الوقوع في المأثم  فهو عاقل ومتوصل فله عقلٌ يحمله على الحلم؛ يعني يحمله على الخير بصبره يصبر ويؤدي ما أوجب الله، وله نُهيَ يحجبه عن المعاصي فهو يؤدي ما أمر الله به بحلمه الذي يحمله عليه الصبر، ويجتنب ما نهاه الله عنه بالنُهيَ وهي العقل؛ لأنه يتبصر بعقله ويعلم أن الوقوع في المعاصي لها عواقب وخيمة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعًا، وهذا يظهر والله أعلم حينما يأتي الرجال مع المميزين إذا جاءوا جميعًا فليتقدموا ، لكن إذا جاء الكبير مع الصغير، والصغير يريد الصلاة. فهل يتقدم إذا تقدم الصغير وسبق الكبير هل هو أحق؟ فالحديث فيما يظهر والله أعلم محمول ليس المعنى أنه ليس معنى ذلك أنه يلي لي أنه لا يلي لا هذا حثٌ على أن قل الأحلام إنه يسعر المبادرة أنتم أهل الأحلام أنتم بادروا وسابقوا لا يسبقكم غيركم، وليس فيه أن من كان دون الحلم دون البلوغ من المميزين الذي يفهمون ليس فيه أنه لا يكون في الصف الأول لا قال:« ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى » (1) يأمرهم بالمسارعة والمبارد، والحث، والحظ وكهذا كالتهيج من باب التهيج على الشيء مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله اليوم الآخر تحد على ميتٍ فوق ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرً »(2) ليس معنى أن الحداد لا يكون إلا عن الزوج ولأن هذا لا يفعله، ولا يصنعه إلا من كان مؤمن، أما غير المؤمن أو المسلم فإنه ليس له دين ولا إيمان يدعوه إلى ذلك كذلك هذا من هو باب التهيج والحث على المبادرة إلى الخيرات والمسابقة إليها، ويقال: «ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى» إلا أنه أُبي بن كعب رضي الله عنه يقول: (إن الصغير يؤخر)، وفي قصة صحيحة رواها النسائى من رواية قيس بن عباد قال: (كنت في الصف خلف عمر فجاء أُبي بن كعب –رضي الله عنه- فنظر في وجوه القوم فرأى "قيس بن عباد" وكان شابًا صغيرًا فنحاه عن الصف وجلس مكانه في الصلاة، قال: قيسٌ فلم أعقل صلاتي لا شك سحبه من الصف –رضي الله عنه-، وصف مكانه فلما فرغ قال: لا يسوءك الله يا ابن أخي إن الرسول قال: «كونوا في الصف الذي يليني»(3) وإن عرفت القوم غيرك ثم قال: (هلك أهل العقدة ورب الكعبة) ثلاثًا؛ يعني أهل الولاية. الشاهد في هذا الخبر أنه رضي الله عنه نحاه عن الصف هذا رأيٌ اجتهادٌ منه، وقد آثر المسألة هذه صاحب الفروع -رحمه الله- في كتاب (الفروع)، وذكر ما يخالف هذا القول، وأن المتقدم وإن كان صغيرًا إذا كان مميزًا فإنه لا يؤخر، وأن هذا الخبر على ما تقدم في حديث أبي ابن كعب من باب الحث والتهيج على المصارعة إلى الصف الأول، وأن يكون خلف الإمام لا أنه أمرٌ واجب حتى إذا عملوا شيء فإنه يقومون باللازم نعم.  

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ، أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ». أخرجه مسلم (123)(432) ، (2)أخرجه البخاري (1280) ، ومسلم (1486). (3)عَنْ أبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ لِلُقِيِّ  أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ أَلْقَاهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أُبَيٍّ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَخَرَجَ عُمَرُ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْتُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَنَحَّانِي وَقَامَ فِي مَكَانِي، فَمَا عَقِلْتُ صَلَاتِي، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يَا بُنَيَّ لَا يَسُوءُكَ اللهُ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الَّذِي أَتَيْتُكَ بِجَهَالَةٍ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: "كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي " وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَكَ. ثُمَّ حَدَّثَ، فَمَا رَأَيْتُ الرِّجَالَ مَتَحَتْ أَعْنَاقَهَا إِلَى شَيْءٍ مُتُوحَهَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَلَكَ أَهْلُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ... الحديث.  أخرجه النسائي 2/88، وعبد الرزاق (2460) ، وعبد بن حميد (177) ،  وابن خزيمة (1573) ، والطيالسي" (555) وابن حبان (2181) ، والحاكم 4/526


التعليقات