يقول السائل : هل يجوز قراءة أكثر من سورة بعد الفاتحة في صلاة الفريضة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الثابت في السنة هو قراءة الفاتحة وسورة كما في حديث أبي قتادة في الصحيحين (1)؛ وهكذا نقلوا في أخبار كثيرة قراءة سورة. وجاء في الصحيحين قال ابن مسعود: "إني أعرف النظائر التي كان يقرأ بينهن النبي صلى الله عليه وسلم(2)، وهذا يظهر والله أعلم أنه واقع في النافلة، وكذلك في حديث حذيفة أنه قرأ عليه الصلاة والسلام البقرة ثم النساء ثم آل عمران(3)، وفي حديث عوف بن مالك عند أحمد(4) قرأ البقرة ثم آل عمران جاء مرتب، ثم النساء ثم المائدة، ثم قال: الأنعام أو الأعراف، شك الراوي، وأحادث هذا الباب، وثبت أيضا في الصحيحين من حديث عائشة-رضي الله عنها-أن رجلًا بعثه النبي –صلى الله عليه وسلم- في سرية،(5) فكان يؤم أصحابه فيقرأ بسورة ثم يقرأ، يقرأ بسورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:1]، ثم يقرأ بسورة.فالحديث فيه أنهم بعد ذلك شكوا إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-، وأنه لا يكتفي بسورة، وفيه قال: «ما الذي حملك على هذا، فقال: إني أحبها، قال: حبك إياها أدخلك الجنة»، وهو معلق عند البخاري وعند الترمذي وغيره(6) ومثل هذه القصة وأنه كان لا يكتفي بسورة حتى يقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:1] الحديث.وفيها أن النبي أقر، ومن حيث الجملة لا بأس، لكن هذا في النافلة لا بأس، أما في الفريضة فمعروف في سُنته –عليه الصلاة والسلام- والمعروف هو قراءة سورة أو بعض سورة مثل ما قرأ بعض الآيات(7) من سورة البقرة ثم ركع -عليه الصلاة والسلام-.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرج البخاري (762) ومسلم (451) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ.
(2) عن عمرو بن مرة قال : سمعت أبا وائل قال : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : قرأتُ المفصَّل الليلة في ركعة ، فقال : هَذًّا كهذِّ الشعر ؟ لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن ، فذكر عشرين سورة من المفصَّل سورتين في كل ركعة . رواه البخاري (742) ومسلم (822).
(3) قد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة في قيام الليل " البقرة والنساء وآل عمران " كما نقله عنه حذيفة رضي الله ، وقد رواه عنه مسلم (772).
(4) أخرجه أحمد (23980).
(5) عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سريَّة وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ، فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه . أخرجه البخاري (6940) ومسلم (813(.
(6) أخرجه البخاري تعليقاً (774) ، والترمذي (2901) ، وأبو يعلى (3335) ، وابن خزيمة (537) ، وابن حبان (794) ، والطبراني في "الأوسط" (902) ، والحاكم 1/240-241، والبيهقي 2/60-61 و61، والضياء في "المختارة" (1749) وقال الترمذي: حسن صحيح غريب
(7) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة بعض السورة في الركعة ، فقد روى مسلم (727) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ...) البقرة/136. وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ ( تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) آل عمران/64 .