يقول السائل : هل يجوز للمسافر إلى عمرة أن يصلي السنة الراتبة في السفر، والمسجد الحرام، والمسجد النبوي؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
السنة الراتبة تصلى في السفر عند الجمهور، وعند أحمد وجماعة على لا يصليها، إنما يكثر من السنن النوافل، من النوافل، وهذا هو الأظهر لقول ابن عمر رضي الله عنه: "لو كنت مسبحاً لأتممتُ صلاتي ، إني صَحِبْتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر، فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قبضه الله"(1) هذا النفي محصور، والنفي المحصور يصعب معه أن يقال إنه لم يره؛ لأنه نفى نفيًا محصورًا، والنفي المحصور في قوة إثباته،إنما لو كان النفي مثلًا في أمر قد يطلع لغيره أو قد يفوته هذا ممكن، لما أخبر أنه لم يكن مع ذلك ولا شك أنه يصلى عليه الصلاة والسلام فهم معه في المسجد، ويشاهدونه، ثم بعد الصلاة هم معه حتى يسير ويركب على دابته، ويذهب إلى رحله عليه الصلاة والسلام، فنقلوا أنه لم يكن يصلي، كما في سنته عليه الصلاة والسلام، أما السنن النوافل هي كثيرة تصليها على أي حال للقبلة أو غير القبلة حسب ضرورة السفر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في "صحيح مسلم" (689) من طريق عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصَلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رَحْلَه وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحوَ حيث صَلى، فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يَصنَع هؤلاء؟ قلت: يُسبحونَ، قال: لو كنت مسبحاً لأتممتُ صلاتي يا ابن أخي! إني صَحِبْتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر، فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزِدْ على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبتُ عمر فلم يزدْ على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزدْ على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله: {لقد كان لكم في رَسُولِ الله أسوةٌ حَسَنَةٌ} .