يسأل عن حديث: "حبب إلى من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني الصلاة"، وعن "أبغض الحلال عند الله الطلاق"؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الحديث الأول حديث أنس، رواه أحمد والنسائي بإسناد صحيح، "حبب إلى من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيناه الصلاة"(1)، بعضهم يزيد في حبب إلي من دنياكم ثلاثة، وهذه الثلاثة لا أصل لها، لان الصلاة ليست من الدنيا، وجاء أيضا من حديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان يحب من الدنيا ثلاثا، الخيل والطعام والنساء، قالت فنال من النساء، ونال من الخيل، ولم ينل من الطعام عليه الصلاة والسلام(2)، لما علم أنه ربما مر الشهر والشهران ولم يكن في بيته نار عليه الصلاة والسلام(3)، أما حديث" أبغض الحلال إلى الله الطلاق"،(4) حديث رواه أبو داود من حديث من طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ ، وإسناده فيه ضعف،
والحديث في لفظه غرابة، ولا شك أن الطلاق كونه، حتى الحديث لفظه في الإطلاق فيه نظر، لأن الطلاق منه ما هو محرم، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو واجب عند بعض أهل العلم، وهو الإلزام به، وخاصة في مسألة الخلع، وقد كان بعض علماء المقدس يجبرون الزوجة عليه، ويلزمونه به، وعلى من اعتبر الخلع طلاقا، فيكون من باب الطلاق الواجب، فالطلاق فيه تفصيل، والذين اخذوا به قالوا هذا المعنى، بمعنى أنه أبغض الحلال بمعنى أنه لا يكون إلا في حال الضرورة، لكن فيه نظر إذا كان مندوبا فلا يكون مبغضا، ولا يكون مباحا، والحلال هنا مقابل الحرام، فإذا كان لازما للزوج، فيكون أمرا متعينا عليه، أو مستحبا في حقه حينما لا تحصل العشرة ولا تدوم إلا بالمشقة، فيأمر أن يتفرقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه أحمد (12293) والنسائي ( 3939 ) والبيهقي (13454) والطبراني في "الأوسط" (5768) من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه - .وصححه الحاكم ( 2 / 174 ) ووافقه الذهبي ، وصححه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري( 3 /15 ).
(2) عن عائشة عند ابن سعد في الطبقات( 1/398) من طريق أبي إسحاق السبيعي عن رجل حدثه عن عائشة قالت: كان يُعجب نبى الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدنيا ثلاثة أشياء: الطيب والنساء والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب، ولم يصب الطعام. وإسناده ضعيف لإبهام الراوي عن عائشة.
(3)عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ»، فَقُلْتُ يَا خَالَةُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: " الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا " أخرجه البخاري (2567) ومسلم ( 2972 ).
(4) أخرجه أبو داود (2178)، وابن ماجة (2018) والحاكم 2/ 196، وعنه البيهقي 7/ 322 ، وأخرجه أبو داود (2177) عن أحمد بن يونس، والبيهقي 7/ 322 من طريق يحيى بن بكير، عن معرِّف بن واصل، عن محارب بن دثار، مرسلًاَ. وهو المحفوظ، وقد رجَّحه غير واحد من الأئمة قال ابن أبي حاتم : قال أبي : إنما هو محارب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا " انتهى. "العلل" (1/431( وقال الدارقطني رحمه الله : " والمرسل أشبه " انتهى. "العلل" (13/225( وقال البيهقي رحمه الله : هو مرسل ، وفي رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر موصولا ، ولا أراه حفظه " انتهى. "السنن الكبرى" (7/322) وقال ابن عبد الهادي رحمه الله عن الإرسال : " وهو أشبه " انتهى. "المحرر في الحديث" (1/567( ورجح السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص/11) الإرسال، وقال : " وصنيع أبي داود مشعر به فإنه قدم الرواية المرسلة " انتهى. وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "عمدة التفسير" (1/583) : "في صحته نظر كثير" انتهى.
أخرجه أبو داود (2178)، وابن ماجة (2018) والحاكم 2/ 196، وعنه البيهقي 7/ 322 ، وأخرجه أبو داود (2177) عن أحمد بن يونس، والبيهقي 7/ 322 من طريق يحيى بن بكير، عن معرِّف بن واصل، عن محارب بن دثار، مرسلًاَ. وهو المحفوظ، وقد رجَّحه غير واحد من الأئمة، وذهب ابن التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 322 - 323 إلى ترجيح وصله. والمرسل الصحيح إذا لم يكن في الباب موصول صحيح يخالفه يحتجُّ به عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك وأحمد.