الأخ أبو عبد الملك من السعودية أورد حديثًا في سنن أبي داود «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» ما صحة هذا الحديث؟ وكيف نرد على من ينكره؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
نعم هذا الحديث رواه أبو داود من حديث أوس بن أوس، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمة، وليلة الجمعة» قال: "كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟" أرمت يعني: بليت قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء»(1) هذا حديثٌ صحيح، وللبيهقي رسالة في هذا، ولحياة الأنبياء في قبورهم، وأورد أخبارًا من هذا الخبر -رحمه الله-.
والذين يشككون في بعض الأخبار الثابتة أقسام: منهم من يكون تشكيكه عن جهل؛ فهذا التعامل معه يسير، يبين له الحق، ويبين له وجه الصواب، وفي الغالب أنه يرجع.الشخص الأخر الذي عنده شبه، عنده طرف علم، وعنده شبه، وتلتبس عليه الأمر، فهو يشكك بناءً على هذه الشبه، فيعامل معاملة أمثاله، بالنقاش معه، وبيان الحق، وفي الغالب أن الذي يكون عنده شبهة، ويكون قصده الحق، فيرجع.
وقسمٌ ثالث: هو في الحقيقة معاند، وهو في الحقيقة يبني أموره على قواعد باطلة مثل قواعد المعتزلة في رد الأخبار الصحيحة، ومثل بعض القواعد الضعيفة، وهو رد الخبر الآحاد فيما تعم به البلوى، هذا قال به بعض أهل العلم، لكن قول الجمهور هو الصواب خلافًا لما يروى عن أهل الكوفة، وعزوه إلى أبي حنيفة، وبعضهم ينكر هذا عن أبي حنيفة، يقول أنه ليس قول أبي حنيفة، إنما هو قول عيسى بن أبان أحد الذي نشروا علم أبي حنيفة بعد ذلك، وكذلك الكرخي الحسين بن عبد الله الكرخي، المتأخر في القرن (الرابع) الهجري هو الذي نصر هذا، أما أبو حنيفة -رحمه الله- فالمأثور عنه في العبارة أنه كان يقول: "الخبر الشاذ هذا خبرٌ واحد شاذ فلن يقيده بواحد قال: "يرد خبر الواحد إذا كان شاذًا" وهذا يوافق أصول أهل العلم في الخبر الشاذ ولو كان صحيحًا، فإن من العلل التي يرد بها الخبر إذا كان شاذ المتن وإن كان صحيح، وفي الغالب كما قال جمعٌ من أهل العلم من الحفاظ المتقدمين: أن الخبر الشاذ لابد أن يكون له علة لابد، يعني في السند، يعني لم ينظر في خبر يكون شاذًا، وعند التأمل والنظر فيتبين أن في سنده علة، بمعنى أن رواة الثقات، لكن عند البحث والتأمل تبين خطأ الراوي.
وقسمٌ أحر: هذا القسم الثالث الذي يبتني على مثل هذه الأصول، هذا قد لا يرجع عنه لأنه بناه على أصول باطلة، وربما يتأثر بأهل البدع والضلالة، فيبين لك ما يبين لأهل العلم فإن رجعت فالحمد لله، وإلا لا يعني يضاع الوقت معه، بل قد يفتح بابًا للشبهة، وينخدع بكلامه وشبهته بعض الناس ممن يظن أنه حق، وأن اختلاف بين العلماء.
قسمٌ رابع: في الحقيقة من في قلبه مرض أو زندقة والعياذ بالله، لأن كثيرًا ممن يردون الأخبار هو طريقٌ إلى تكذيبها، تكذيب هذا الخبر الذي في الصحيحين، بل ربما تعمد إلى تكذيب أخبار متواترة، ويكون بعضهم ممن يفعل هذا عن شيءٍ في قلبه، وإلا فإن الذي يكون يعني مؤمنًا في الباطن، ويكون الخبر ثابت، صحيح، ومعروف، لا يمكن أن يرد خبرًا للنبي -عليه الصلاة والسلام- إلا عن زندقة مادام أنه يعلم في قرارة باطنه أن الخبر صحيح، وهذا واقع في كثيرٍ من الأخبار الصحيحة.
فأقول: يا أخانا أن مثل هؤلاء لا ينبغي للإنسان أن يشغل وقته خاصة إذا كان قد جرب معهم، وربما يضيع الوقت، والساعات، وخاصة على ساحات البحث في الانترنت ونحو ذلك، لأنه يدخل إلى هذه الصفحات أُناسٌ ليس عندهم بصيرة ولا علم فيسمعون من هذا، ويسمعون هذا، ولا يفرقون، ولهذا السلف -رحمه الله عليهم- يحذرون من كلام أهل البدع ليس لقوته، لكن لمثل هذا الباطل قد يسري إلى بعض النفوس فيمنعون من ذلك ويحذرون إلا إنسان عُلم أنه يريد الحق أو حصل له شبه، فهذا يبين له الحق لعل الله يهديه نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه أبو داود (1531) وابن ماجه (1085) والنسائي في "الكبرى" (1678) وهو في "مسند أحمد" (16162) وصحيح ابن حبان (910).