السؤال: ما صحة حديث الدعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء وهل يجوز العمل به؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذا الحديث رواه الإمام أحمد من رواية كثير بن زيد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام- دعا يوم الأحزاب، يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء، فاستُجيب له يوم الأربعاء بين الظهر والعصر، قال جابر: فأنا أتحرى ذلك الوقت، وأنه يدعو به.
وهذا الحديث إسناده ضعيف، من رواية كثير بن زيد والراوي عنه أيضًا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كذلك أيضًا أُعلّ به الخبر فالخبر لا يثبت(1)، ثم أيضًا في الحديث لو ثبت لا دلالة فيه، غاية ما فيه أن النبي دعا عليه الصلاة والسلام يوم الاثنين ويوم الثلاثاء والأربعاء، فوافق أن استجيب له عليه الصلاة والسلام وليس فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قصد هذا الوقت قصدًا وتحراه ليس فيه هذا. إنما إن ثبت هذا عن جابر فهو قولٌ له وتأويل واجتهاد، ورأى أن النبي عليه الصلاة والسلام اسُتجيب له في هذا الوقت لكن لا دليل في أن هذا الوقت يُقصد، والأوقات التي جاء فيها إجابة الدعاء هي معروفة، وجاءت الأدلة الصريحة عن النبي عليه الصلاة والسلام،
ولو كان مثل هذا الوقت وقتًا يُقصد لطلب الدعاء وتحريه لاحتجنا إلى دليل بيِّن(2)، لأن الدعاء عبادة، وتخصيص الزمان بين هذين الوقتين عبادة أخرى، وعبادة الدعاء في مثل هذا الوقت عبادة عظيمة،كما بين الأذان والإقامة، وكما في آخر الليل، والدعاء مشروع على كل حال والإنسان يدعو ربه في كل وقت لكن حينما يقصد وقتًا معينًا على أنه وقتٌ مخصوص، ويجاب للدعاء، لا بد من نص واضح بيِّن عن النبي عليه الصلاة والسلام.
فالأمر كما تقدم أنه إذا ثبت فهو من قول جابر، ويمكن أن يُقال أنه هذا لو أخذ به واتبع جابر فيمكن يٌقال أنه لا بأس به، وذكر بعض أهل العلم أن فيه روايتين ومن أهل العلم من قال به والأظهر والله أعلم أنه لا يُشرع لما تقدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده (14153) من طريق كَثِير بْنَ زَيْدٍ ، قال : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قال : حَدَّثَنِي جَابِرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا : يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ، فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ .قَالَ جَابِرٌ : فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَلِيظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ ، فَأَدْعُو فِيهَا ، فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ .والأظهر في الحديث أنه ضعيف لا يحتج به ؛ ففي إسناده علتان :
الأولى : كثير بن زيد الأسلمي ، وفي قبول روايته خلاف بين علماء الحديث ، فمنهم من يوثقه ، والأكثر على تضعيفه ، والأقرب أن فيه ضعفاً يسيراً .
ولذلك قال فيه الحافظ في "التقريب" : " صدوق يخطئ ". ينظر: "الجرح والتعديل" (7/150) ، "الكامل في ضعفاء الرجال" (6/67) ، "ميزان الاعتدال" (3/404) ، "تهذيب التهذيب" (8/37) ،
الثانية : عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، وهو مجهول الحال ، ترجم لـه البخاري في "التاريخ الكبير" (5/133) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/95) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً.