حكومتنا تلزمنا بالعمل يوم الجمعة وفي الغالب ندرك الإمام واقف على المنبر فهل من فتوى في هذا الأمر بأن لأن هذا الأمر يؤرقني كثيرًا؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذا إذا كنت في بلد أنت مستقر فيه؛ يعني لست مسافر من بلد إلى بلد إنما مستقر في هذا البلد, فالواجب عليك أن تصلي الجمعة ولا يجوز لك ترك الجمعة بهذا العذر بالعمل يوم الجمعة, لأن الجمعة واجبة بإجماع المسلمين على المكلف يعني من الرجال فلا يجوز لك أن تتركها, لكن لو فرض أن هناك ضرر شديد عليك بترك هذا العمل لكن هذا يبعد والله أعلم, لأن الإنسان يمكن أن يتفادى ذلك بأن ينيب غيره أو أن يتفق مع مرجعه وما أشبه ذلك من الأسباب التي لا تضيع بها الجمعة وإذا لم يتيسر شيءٌ من ذلك فإذا تركت هذا العمل لغيره وبعدت عنه فإن الله ييسر لك﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾([1]) (من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا له), فأبواب الرزق كثيرة وإن كانت صلاة الجمعة في بلد غير بلده في بلد مسافر إليها فهذه مسألة لها صور, فمن قال إن المسافر لا ينقطع سفره ولو طالت مدته فإنه مسافر في هذه الحالة وجمهور العلماء يقولون: إن الجمعة لا تجب على المسافر وحكى الإجماع والصواب أنه لا إجماع في هذه المسألة, وهناك قول قوي: وهو أن الجمعة الجماعة تجب على المسافر إذا كان لا مشقة عليه فيها, إنما من كان مسافرًا فالرخصة والسعة في حقه أوسع منها في حق من كان مستقرًا في البلد, فيرخص له ما لا يرخص لغيره, ذلك أنه جاء لهذا البلد لغرض من الأغراض ولحاجة من الحاجات فلو أمر مثلًا بهذا العمل بأن يؤدي الصلاة مع الجماعة فقد لا يتيسر له أداء أو إتمام ما سافر إليه فلا يحصل المقصود من الرخص التي شرعت له إنما الأصل هو وجوب النداء لعموم الأدلة وهذا هو الأظهر وهو قول الأوزاعي والزهري وابن حزم وجماعة من أهل العلم, أما حديث" ليس على المسافر جمعة"(2) فالحديث لا يصح, وإذا قيل بقول الجمهور الذين يحدون الإقامة للمسافر التي ينقطع بها سفره، والجمهور على أنها إذا جلس أكثر من أربعة أيام فإنه يجب عليه عند الجمهور أن يشهد الجمعة, كذلك أيضا الجماعة عند من يوجبها منهم؛ لأنه وإن كان مسافرًا من حيث الجملة لكنه انقطعت الرخص في حقه, ومنهم من يقول: أنها لا تجب عليه أيضًا كالمسافر الذي يجلس أقل من أربعة أيام فأقل لأنه مسافر, وأما إذا كان يقول أنا لا أدري كم أجلس يوم أو يومين فإنه أيضًا عند الجمهور من باب أولى لأنه مسافر, والصحيح في جميع هذه الصور أن الجمعة تجب على المسافر وكذلك الجماعة كذلك لعموم الأدلة إلا أنه في حقه كما تقدم يخفف خاصة إذا كان جاء لهذا الغرض, ومن ذلك لو كان جاء لعمل وافق عمله يوم الجمعة شق عليه ذلك ولو أمرناه مثلًا بالصلاة لترتب عليه ترك هذا العمل والرجوع ففي هذه الحالة لا بأس، ويجوز له ترك الجمعة لأنه معذورٌ في هذه الحال, وهل عليه أن يصليها ركعتين أو أربع؟ على الخلاف إذا قيل: إنه مقيم على قول الجمهور فإنه يصليها أربع, فإذا قيل: إن وصف السفر ثابت في حقه فإنه يصليها ركعتين, هناك صور أخرى وهو من طالت إقامته جدًا وهي موضع خلاف أيضًا في هذه المسألة هل وصف السفر باقٍ أو ليس باقيًا فيه ممن يسافر للدراسة أو عمل ونحو ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه الدارقطني في سننه (1582)، وفي إسناده مجهولان؛ أبو بكر الحنفي ونافع بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأسدي.
(2) سورة الطلاق الآية: 2,3