يقول السائل : هل المضاعفة خاصة بالمسجد فقط أم بالحرم كله؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الجمهور أن المضاعفة تشمل جميع الحرم المسجد، وجميع حدود الحرم ما نقول مكة لأن بعض مكة خارج الحرم جميع حدود الحرم بالحدود المعروفة كلها تدخل في المضاعفة، وحكي عن الجمهور وذهب أحمد رحمه الله في قوله المشهور عنه أن المضاعفة خاصة بالمسجد الحرام،والأظهر، والله أعلم هو قول الجمهور، لقوله تعالى { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (1) وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (2) وقصة صد النبي عن الحرم، وكذلك المشركون لا يقربون المسجد الحرام، وكونه لا يقرب المسجد الحرام هذا فيه إشارة إلى أنهم لا يدخلونه أيضاً في الغالب أن الذي يقرب منه يكون وسيله إلى الدخول فالمشرك ظاهر القرآن أنه يكون طريقه بعيداً عن حدود الحرم لأنه إذا كان قريب من الحرم فقد يدخل إما على سبيل الخطأ أو نحو ذلك، ولهذا قال: فلا يقربوا المسجد الحرام أن قربان الشئ هو ملامسته قرب خاص، هو ملامسته يكون قريبا منه، ومن قرب من الشئ أوشك أن يواقعه فهو حمى للحرم، ليس المعنى أنها هذه البقعة تحرم عليه لكن الحمى لنفس الحرم، والله أعلم، ولهذا يسن أن يكون طريقاً منعزلاً بعيداً مفصولاً عن الحرم حتى لا يكون حال سيره، ربما دخل على سبيل الخطأ، أو نحو ذلك ثم أيضاً حد الحرم في الغالب ليس حد بيناً مختلف فيه، وكان هذا والله أعلم هو السر في قوله:فلا يقربوا المسجد الحرام لأن مختلف فيه فلهذا ربما هذا الحد يكون أبعد يكون فيه زيادة فلهذا يحتار في الحرم الذي حده إبراهيم عليه السلام، أولاً بأمر الله عز وجل، ثم أظهره النبي عليه السلام بتحريم الله، ثم تحريم إبراهيم فالله حرم، ثم حرم إبراهيم، والنبي أمر بهذا التحريم، وأوصافه ليست معلومة بجهة القطع، واليقين فلما كان على هذا الوصف إن كان والله أعلم من المعنى أن لا يقرب الحدود المحددة لأنها ليست على سبيل القطع، ربما كان بعضها داخل فالله أعلم.فلهذا يكون حال دخوله أو حال وصوله بعيداً عنه، ولهذا ذكروا معاني أخرى تدل على هذا المعنى أما إسراءه عليه الصلاة والسلام من المسجد الحرام، فهو ليس من البيت هذا، وما البيت هذا خارج المسجد لكن في الحقيقة أسري به عليه الصلاة والسلام من الحجر كما رواه البخاري من البيت مع أن هناك دليل ينبغي مراجعته، لا أتأكد منه، وهو أن الحرم كما في رواية مرسلة، لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد نزول القرآن، لم يكن محاطاً بمنى فإذا ثبت هذا تكون الأدلة واضحة، وبينه على أن الحرم يشمل جميع الحرم وأنه ليس كمسجد مبني في عهد النبي إنما بني بعد ذلك، هذا يراجع، لكن أذكر رواية أكون واهم أنها عزيت، عزاها البخاري مرسله عن مجاهد، أو غيره أن الحرم لم يكن محاطاً ببناء في عهده عليه الصلاة والسلام، وعليه ليس محاطاً ببناء لأن الحرم يكون شامل لا يكون حد، ولا بناء. ولهذا النبي قال صلاة في مسجدي هذا، لما كان خاص بمسجد النبي، أشار إليه، أما الحرم فأُطلق، أما المسجد النبوي فالمضاعفة خاصة بنفس المسجد، لا تشمل خارج حرم المدينة، وهذا دليل آخر، في أن المسجد الحرام يشمل جميع المسجد، لا البناء الذي يحيط بالكعبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الفتح 25 .
(2) سورة التوبة 28 .