مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ما مدى صحة هذا القول: إذا صلى مع الجماعة الأولى أدرك فضل أول الوقت، وأدرك فضيلة الجماعة الأولى وإن كان لم يدرك حكم الجماعة، ففرقٌ بين قولنا: أدرك حكم الجماعة، وبين قولنا: أدرك فضل الجماعة، فقد نص العلماء على أن من أدرك الإمام قبل أن يسلم فإنه مدركًا لفضل

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; هذه المسألة فيها كلام كثير لأهل العلم، أما قوله  إذا صلى مع الجماعة الأولى أدرك فضل أول الوقت، وأدرك فضيلة الجماعة، وإن كان لم يدرك حكم الجماعة، وإن الفرق بين حكم الجماعة، وبين فضل الجماعة هذا قال به بعض أهل العلم: فرق بين حكم الجماعة، وفضل الجماعة، وأن فضل الجماعة يدرك بإدراك الإمام قبل التسليم وحكم الجماعة إلا بإدراك ركعة، هذا القول عند المالكية، والصواب: قول الجمهور بهذا:أن من أدرك الإمام قبل التسليم، فقد أدرك فضل الجماعة، لما جاء في الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم، فأتموا»(1)، لكن لا شك أن هذا الفضل ليس كالفضل الذي يدركه من أدركها من أولها. ثم جاءت أخبار في هذا الباب تبين أن من كان معذورًا في التأخر، فإنه يدرك الجماعة كما صلاها معه، أما من تركها تهاونًا وكسلًا فهذا إذا تعمد التأخر بلا عذر، بعض أهل العلم: يمنع من هذا، يقول: لا يجوز له أن يتأخر عمدًا بلا عذر، وأنه يجب عليه أن يبادر إلى صلاة الجماعة، لكن ما يتعلق بالجماعة، أو الإدراك.الإدراك في الحقيقة أنواع: أولًا: إدراك الجماعة، الجماعة تدرك بإدراك الإمام قبل السلام، هذا هو الأظهر، هذا إذا كانت الجماعة جماعة المسجد الراتب، أما إذا كان هذا المسجد ليس مسجدًا جماعة راتب كمساجد المحطات والطرقات، فهذه كل جماعة مساوية للجماعة التي بعدها، أما جماعة المسجد الراتب فإن الجماعة الأولى هي الأصل، فإذا فاتته فإنه يحرص على إدراك الصلاة في جماعةٍ أخرى، وهذا يحصل فضل سبع وعشرين درجة، الله أعلم.قد يقال: يحصل لكن وإن حصل فضل الجماعة، إنما حصلها من جهة الكمية، لا من جهة الكيفية، مثل لو جاء إنسان إلى المسجد من أول الوقت وبادر منذ سماع الآذان وحضر المسجد وصلى ما تيسر له وقرأ القرآن وكان قريبًا من الإمام وكبر بحضور قلب، وخشوع وآخر جاء عند الإقامة، كلٌ له سبع وعشرين درجة، ونعلم أن فرقٌ بين الدرجات التي يأخذها هذا، والدرجات التي يأخذها هذا. فربما يكون بين صلاتيهما، كما بين المشرق والمغرب، وإن كانت الدرجات في العدد متساوية، كما أن من صام رمضان، فإنه يسقط عنه، ويجزئ عنه ولا يلزم بإعادته، وله أجر صوم هذا اليوم، لكن فرقٌ بين صيام إنسان صامه واجتهد في عمل الخيرات، وسائر أنواع القربات وشخصٌ مجرد أنه أمسك عن الطعام والشراب، ولم يقع في محرم.وكذلك في سائر أنواع العبادات، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من حج فلم يرفث، ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»(2)، وكلاهما إذا حج ولم يحج حجة الإسلام، سقطت عنه حجة الإسلام، لكن فرقٌ بين هذا الحج، وهذا الحج.كذلك أيضًا من صلى الجماعة، النوع الإدراك الثاني إدراك الصلاة، إدراك الصلاة لا يكون إلا بركعة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعةً من الصلاة، فقد أدرك الصلاة»(3)، في الصحيح وفي غيرها.كذلك جاء أيضًا في الصحيحين عن أبي هريرة أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «من أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعةً من الفجر قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الفجر»(4). وجاء عن عائشة أيضًا في صحيح مسلم(5).هذا في إدراك الوقت، والذي قبله في إدراك الصلاة، والذي قبله في إدراك الجماعة، وعندنا إدراك الجمعة، وهذا يكون بركعة، وعندنا إدراكٌ خامس: وهو إدراك المقيم للمسافر، فإن أدرك ركعة، فقد لزمه حكم صلاة إمامه، فيصلي ركعتين رباعية، وإن لم يدرك ركعةً، إنما أدركه في آخر صلاته، فيصلي عند بعضهم أربع عند مالك -رحمه الله- يصلي أربعًا في الرباعية.والجمهور قالوا: أنه يصليها ركعتين، فجعلوا الباب واحد. وعندنا إدراك أول الوقت للحائض، وإدراك آخر الوقت، إدراك أول الوقت للطاهرة، المرأة الطاهرة التي تدرك أول الوقت قبل حيضها، وكذلك حينما تطهر، عندنا إدراكان:- إدراك أول الوقت وهي طاهر.- وإدراك آخر الوقت وهي طاهر.كما لو دخل عليها الوقت فحاضت، أو دخل عليها الوقت وهي حائض، فطهرت من آخر الوقت، والمسألتان فيها خلاف.والخلاف في الثانية أقوى من الخلاف في الأولى.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (635) ومسلم (603).
(2) أخرجه البخاري (1820) ، وأخرجه مسلم (1350) ، (3) أخرجه البخاري (580) ، وأخرجه مسلم (607). (4) أخرجه أحمد 2/282 ، ومسلم [608] [165]. (5) عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الَعْصَرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا. أخرجه مُسلم (ج1 ص221).


التعليقات