هل هناك وقتٌ محدد لصلاة العشاء؟ أي هل صحيح أنه لا يجوز الصلاة بعد الساعة الثانية عشر ليلًا أم أنه وقت صلاة العشاء من الأذان إلى صلاة الفجر؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذه المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن وقت الصلاة ينتهي بانتصاف الليل, وأنه بعد ذلك ليس هناك وقت للعشاء لا وقت ضرورة ولا غير ضرورة وهذا قول الأحناف.
القول الثاني: من أهل العلم من قال بعد منتصف الليل يكون الوقت وقت ضرورة وهذا مذهب أحمد رحمه الله, مثل وقت العصر إلى اصفرار الشمس وبعد ذلك ضرورة إلى مغيب الشمس.
القول الثالث: وذهب جماعة إلى أنه يمتد إلى صلاة الفجر وأنه يجوز على قول, والقول الثاني عندهم رجحه جماعة من الشافعية أنه لا تأخر بعد نصف الليل, والصواب من هذه الأقوال في هذه المسألة هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأنه بعد منصف الليل يكون الوقت وقت ضرورة وعلى هذا لا يجو تأخيرها لكن لو صلى في هذا الوقت فهو آثم وعليه التوبة وإن كانت الصلاة صحيحة لأنها واقعة في آخر الوقت كما لو صلى العصر بعد اصفرار الشمس, أما قول السائل أن الساعة الثانية عشر لا نقول الساعة الثانية عشر نقول منصف الليل ومنصف الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وعلى هذا يختلف منتصف الليل من وقتٍ إلى آخر ومن بلد إلى آخر, فإذا كان مثلًا غروب الشمس الساعة الخامسة وطلوع الفجر الساعة الخامسة مثلًا فإن في هذه الحالة يكون الليل ثنتي عشرة ساعة ويكون منتصف الليل بعد مضي ست ساعات من غروب الشمس , فإذا كانت الشمس غربت الساعة مثلًا الخامسة فبعد السادسة السابعة الثامنة التاسعة العاشرة الحادي عشرة يعني يكون منتصف الليل ينتهي الساعة الحادية عشرة, وإن كان الساعة السادسة يكون المنتصف الساعة الثانية عشرة, وهكذا, وهذا يختلف كما تقدم بحسب البلاد وذلك أن الصحيح أن وقت العشاء إلى منتصف الليل وقيل إلى ثلث الليل, والقول إلى منتصف الليل لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (وقت العشاء إلى نصف الليل)(1) وفي لفظ عند مسلم: (نصف الليل الأوسط) (2) قوله الأوسط هذه فائدة تبين أنه نصف الليل أوساط على هذا يختلف بحسب طول الليل وقصر الليل, لأنه الأوسط في كل ليلة وكذلك أيضًا روى مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي عليه لصلاة والسلام أخر العشاء إلى نصف الليل(3), وكذلك روى أبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: (لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت العشاء إلى نصف الليل) (4) هذا أيضًا ثلاث أخبار تدل على أنه إلى نصف الليل, وحديث عائشة في البخاري أنه أخرها حتى بهار يعني حتى ذهب كثيرٌ من الليل, وهذا يفسر الأخبار الأخرى يعني منتصف أو قريب من منتصفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم رقم (971).
(2) أخرجه مسلم رقم (613).
(3) أخرجه مسلم رقم (643).
(4) أخرجه أبو داود (422) والنسائي (538) وابن ماجة (693).