مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

هل تخطي الرقاب خاص بالخطبة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;  تخطي الرقاب ورد في حديث عبد الله بن بسر عند أبي داود إنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلًا يتخطى رقاب الناس والنبي يخطب فقال:(اجلِسْ فقد آذَيْتَ وآنَيْتَ)(1) وهو حديث جيد, وروى الترمذي في سننه من رواية رشدين بن سعد عن زبان عن فهد معاذ بن أنس الجهني عن أبيه أنه عليه الصلاة والسلام قال:(مَن تَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ يومَ الجُمعةِ اتَّخذَ جِسرًا إلى جهنَّمَ) (2)وهذا أطلق ولم يقيده بالخطبة لكن هذا ضعيف هذا الإسناد ضعيف رشدين ضعيف وزبان ضعيف فالحديث ضعيف, ولهذا اختلف العلماء في هذا هل هو خاص بالخطبة أو ليس خاص بالخطبة والأظهر والله أعلم إنه ليس خاص بالخطبة للتعليل لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(اجلِسْ فقد آذَيْتَ وآنَيْتَ) ولأنه في أذية ولذا لو كان في درس علم فلا يجوز للإنسان أن يؤذي, وفي حديث حذيفة برواية لاحق بن حميد عن حذيفة وهو منقطع أن النبي عليه الصلاة والسلام:(لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ) (3) وهذا لا يكون إلا بالتخطي.حينما يأتي ويجلس إليها، والحديث إن كان منقطعاً لكن يدل على إنه ينهي عن ذلك.  وفي الصحيحين في حديث واقد بن ليثي في الذي جاء جلس أحدهم في فرجة والآخر جلس خلفهم(4) لما علم أن المشروع هو عدم التخطي فإذا كان هذا في غير يوم الجمعة فالجمعة من باب أولى هو النهي عن التخطي, لكن يتأكد النهي حينما يكون الإمام يخطب وذلك أنه يشغلهم عن الخطبة وهم مستمعون إليها وحينما يأتي ويتخطى الناس فيشغل نفسه هو ويشغل غيره فتكون الأذية أكثر من جهة إنه صرف أبصارهم إليه, كما هو المعتاد لمن يفعل هذا ويكون منه أذية, ولهذا قال:(اجلِسْ فقد آذَيْتَ وآنَيْتَ) وهذا فيما يظهر والله أعلم إذا كان على وجه التخطي, أما إذا كان بينهم فرج ويمر بلا تخطي فهذا لا بأس به, أما إذا كان على وجه التخطي فكما تقدم وظاهر الحديث أنه لا يجوز, وأيضًا فيما يظهر لو أن جماعة ممن حضر جاء إلى الجمعة جلسوا في آخر المسجد والمسجد أمامهم في الصفوف ليس فيها أحد لكن جلسوا في آخر الصفوف كما يقع من كثير من الناس يأتون فيصفون في آخر المسجد, فيأتي من بعضهم فيريد أن يتقدم فيمنعون الأظهر أن هؤلاء لا حرمة لهم؛ خاصة أنه يكون هذا قبل دخول الخطيب ويكون سبب في منع الناس, ولهذا الواجب والمشروع في حق من يأتون المسجد أن يتقدموا هذا إذا كانت الصفوف تركت وفرج كثيرة ولم يتقدموا إليها, أما إذا كان مجرد فرجة بين اثنين فهذا هو الذي نهى عنه. ولو يقول أنا سوف أتقدم إليه وأسدها وأنا أقول إذا أقيمت الصلاة فأنها تسد والعادة أن الناس حينما يأتون إلى الجمعة وغير الجمعة ربما أحيانًا يكون بينها فرج كثيرة  تتسع فيها الإنسان في تحركه من هنا وهنا, ولهذا النبي أطلق النبي عليه الصلاة والسلام, ويعلم أن الناس في الخطبة ربما يكون بينه شيء من الفرج ولم يستثني النبي عليه الصلاة والسلام شيئًا في هذا المقام والمقام يقتضى البيان بل أطلق وصف الأذية لمن تخطي الرقاب وربما يكون أيضًا هذا المتخطي قد تخطي إلى فرجة رآها ولم يقل له عليه الصلاة والسلام هل بصرت فرجًا هل قصدها ذلك بل نهاه مطلقًا فدل على عموم النهي.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه أبو داود في "السنن" (1118) ، والنسائي 3/103، وابن خزيمة في "صحيحه" (1811) ، والحاكم 1/288 وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. (2) أخرجه الترمذي (520)  وابن ماجة (1116) وهو في "مسند أحمد" (15609). (3) أخرجه أبو داود في "السنن" (4826) والترمذي (2956). وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23263).
(4)عن أَبَي وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ رضي الله عنه قَالَ:" بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ أَحَدُهُمْ، فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ، فَجَلَسَ وَجَلَسَ الْآخَرُ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَانْطَلَقَ الثَّالِثُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " أَمَّا الَّذِي جَاءَ فَجَلَسَ فَأَوَى، فَآوَاهُ اللهُ، وَالَّذِي جَلَسَ مِنْ وَرَائِكُمْ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّذِي انْطَلَقَ، فَرَجُلٌ أَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ " أخرجه البخاري (474) ، ومسلم (2176).


التعليقات