يقول السائل : ما حكم من لم يقرأ سورة الفاتحة في التراويح ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا شيء عليه إن كان يعتقد ذلك, كما هو رأي الجمهور فلا بأس . وإن كان يعتقد بوجوب قراءتها فنسي هذا موضع خلاف, وإن كان تركها وحدها خلف الإمام أو منفرد فظاهر كلام الجمهور أنه لا بد أن يأتي بها, وأن من ترك الفاتحة فكان كمن ترك ركناً فلا بد أن يأتي بالفاتحة . وفي قول عند الشافعية يقول أنه يعذر بالنسيان للتخفيف . وجاء في حديثٍ (أنَّ أبا بَكْرَةَ دخَل المسجِدَ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم راكعٌ فركَع ثمَّ مشى حتَّى لحِق بالصَّفِّ فقال : له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زادكَ اللهُ حِرْصًا ولا تَعُدْ).المعجم الأوسط، ولم يأمره بقراءة الفاتحة مع أن المتأخر عن الصلاة وأدرك عند الركوع أدرك عند الجمهور, وقالوا ما كان بعذر قهري فالأولى أنها تسقط عنه, وصح عن عمر رضي الله عنه أن من نسيها يقرأها مرتين في الركعة التي بعدها(2) وأنه رضي الله عنه نسي قراءة الفاتحة في الركعة الأولى فقرأ الفاتحة مرتين في الركعة التي تليها, وهذا من قرائن الاختيارات, مع أنني رأيت فيما أذكر أن صاحب الإنصاف إما ذكر رواية أو تخريج في مذهب الإمام أحمد رحمه الله ينظر كلامه في الإنصاف(3), وهو تكرار قراءتها مرتين في الركعة التالية أو الركعة التي تلي التي تركها فيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم (783).
(2) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَرَوَى صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ حَنْبَلَ فِي كِتَابِ الْمَسَائِلِ عَنْ أَبِيهِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْ فَقَالَ إِنِّي حَدَّثْتُ نَفْسِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ بِعِيرٍ جَهَّزْتُهَا مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى دَخَلَتِ الشَّامَ ثُمَّ أَعَادَ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ وَمِنْ طَرِيقِ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ صَلَّى عُمَرُ الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى إِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْ فَأَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ صَدَقَ فَأَعَادَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَا صَلَاةَ لَيْسَتْ فِيهَا قِرَاءَةٌ إِنَّمَا شَغَلَنِي عِيرٌ جَهَّزْتُهَا إِلَى الشَّامِ فَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَادَ لِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا لِكَوْنِهِ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِي الْفِكْرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ إِنَّ عُمَرَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَتِ الثَّانِيَةُ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا فَرَغَ وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَرِجَالُ هَذِهِ الْآثَارِ ثِقَاتٌ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْأَخِيرُ كَأَنَّهُ مَذْهَبٌ لِعُمَر. انظر فتح الباري للحافظ ابن حجر (3/90).
(3) في الشرح الكبير لابن قدامة :(1 / 612): (مسألة) (ويكره تكرار الفاتحة) لانه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه لانها ركن، وفي ابطال الصلاة بتكررها خلاف فكره لذلك"ا.هـ
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع : (3 / 91): ويكره ( تكرار الفاتحة في ركعة ) لأنها ركن ، وفي إبطال الصلاة بتكرارها خلاف ولأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولم تبطل الصلاة بتكرارها لأنه لا يخل بهيئة الصلاة ، بخلاف الركن الفعلي "ا.هـ.