يقول السائل : ما حكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في كل سجدة في صلاة النافلة وصلاة الفرض وفي سجدة التلاوة بعد قول "سبحان ربي الأعلى" والمواظبة على ذلك دون اعتقاد وجوبها، كذلك الدعاء للوالدين في كل سجدة والمواظبة على ذلك.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أعظم أسباب الإجابة وهو وسيلة توسل بالصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- والأخبار في هذا كثيرة عنه- عليه الصلاة والسلام- ومن أشهرها حديث فضالة بن عبيد وحديث ابن مسعود وفي حديث فضالة أنه عليه الصلاة والسلام قال: «عجل هذا» ثم رأى رجلاً صلى ولم يثني عليه- سبحانه وتعالى- ولم يصل على النبي- عليه الصلاة والسلام- قال: «عجل هذا» ثم قال: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم يصلي عليّ»(1) ونحوه في حديث ابن مسعود كذلك(2).أما أحاديث الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- عموماً فهي أحاديث كثيرة بل متواترة، لكن في هذه المسألة خصوصاً نعلم أن الصلاة عليه مشروعه في التشهد في آخر الصلاة، والصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- في هذه المرة المذكورة هل تشرع خصوصاًَ؟
الذي ورد في الأخبار الثناء عليه- سبحانه وتعالى- وجاء قوله- عليه الصلاة والسلام-: «أما الدعاء فعظمه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم»(3) وجاءت أحاديث كثيرة في الحث على الدعاء وهذه المواطن قد يقال أنه لا بأس بالصلاة على النبي- عليه الصلاة والسلام- لعموم الأدلة ويمكن أن يقال أن الأخبار التي جاءت في هذه المواضع الخاصة لم يذكر فيها الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- إنما جاء فيها ذكر الدعاء عموماً وذكر تعظيم الله- عز وجل- خصوصاً مع ملاحظة أنه ورد في أدلة خاصة ذكر مواضع خاصة ذُكرت فيها الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.وهذا قد يؤخذ منه أنه لو كان مشروعاً في مثل هذه المواضع لنص عليه- عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه المواضع في الركوع والسجود، إنما الذي جاء في الركوع قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء» ولذا جاء الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- في التشهد وقال في الحديث: «عجل هذا» ثم قال: «فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم يصلي عليّ».ومعلوم أن التشهد في آخره فيه الدعاء والسؤال والطلب لقوله- عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين عن حديث ابن مسعود: «ثم ليتخير من المسألة ما شاء» ثم تخير من المسألة أحبه إليه، العبد يثني عليه- سبحانه وتعالى- في أول صلاته بدعاء الاستفتاح، ثم بعد ذلك يقرأ الفاتحة، وكذلك يقرأ القرآن- ما تيسر من القرآن- ثم يركع ويثني فهي ثناء عليه-سبحانه وتعالى- وهي صلاة وصلة بين العبد وربه، فظاهر الأدلة أنه يخلصها لله سبحانه وتعالى بالثناء عليه سبحانه وتعالى، إن الصلاة ثناء عليه؛ ولهذا توزعت الأدعية والثناء ففي حال القيام فيه قراءة القرآن، تستفتح ثم تقرأ القرآن، ثم بعد ذلك الركوع فيه تعظيم الرب سبحانه وتعالى والثناء عليه ولأن الركوع دون حالة القيام، فأعلى حالات المصلي القيام بمعنى أنه قائم فكان فيه أرفع الكلام وهو كلامه سبحانه وتعالى.ثم الركوع وهي حالة خضوع لكنها من جهة حال المصلي هي حال ذلك أبلغ من حال القيام فكان لها التعظيم لكن ليس من القرآن ولا يقرأ فيه القرآن.والسجود هي حالة وضع الوجه في الأرض والتذلل له سبحانه وتعالى، «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» فكان فيها- كما تقدم- «فأكثروا فيه من الدعاء» فيه ثناء لكن يكون فيه الدعاء معه أكثر وأغلب من التعظيم بخلاف الركوع. وجاءت الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- في التشهد، ولهذا الأدعية جاءت في الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام- عامة، وجاءت خاصة في مواطن، وهذا الموطن موطن السجود وموطن الركوع خاص، ولم يُنقل ذكر الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام-.
فإذا قيل: إنه يخلص هذه المواضع للثناء عليه- سبحانه وتعالى- والدعاء بعد ذلك، ثم في ختام صلاته يكون الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد التشهد، ثم بعد ذلك يكون في ختامه الدعاء هذا موافق لكثير من الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام.أما الدعاء للوالدين: فيدعو لوالديه بما فتح الله عليه ويدعو لإخوانه المسلمين من الدعوات النافعة ويدعو لنفسه ولأهله وأولاده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه الترمذي (3476) صحّحه الألباني في صحيح الترمذي: [2765).
(2) أخرجه البخاري (6265). و مسلم (402).
(3) أخرجه مسلم (479).