• تاريخ النشر : 02/06/2016
  • 259
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

إذا وقع المسلم في معصية فهل ورد في السنة حديثٌ صحيح أنه يصلي ركعتين تسمى صلاة التوبة, وهل يتصدق بشيء من المال؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; ورد حديث رواه الخمسة عن علي رضي الله عنه من طريق أسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه أنه قال: كنت إذا حدثني أحدٌ استحلفته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر وقال ما من مسلمٍ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: "ما من مسلمٍ يذنب ذنبًا ثم يتوضأ ويصلي ويستغفر الله إلا غفر الله له".(1) هذا الحديث من طريق أسماء بن الحكم الفزاري فمنهم من ضعفه لأنه لم يوثقه معتبر وثقه العجلي رحمه الله، وتوثيق العجلي وابن حبان وأمثالهم لا يرقى بالرجل إلى درجة الصدوق أو الثقة لما علم من تساهلهما، ومنهم من قوى روايته كالمجزي رحمه الله، وذكر في كتابه تهذيب الكمال أن له متابعات لكن الحافظ رحمه الله قال إن المتابعات لا تعضده أو لا تقويه لأنها ضعيفة جدًا، والخبر من طريق أسماء بن الحكم الفزاري، وأهل العلم أخذوا بهذا الخبر وذكروه في مصنفاتهم وقالوا أنه حجة، أو أنه دليلٌ على أنه يشرع للمصلي أن يصلي ركعتين عند المعصية فإذا أراد التوبة فإنه يتوب وتمام توبته صلاة ركعتين.وهذا ليس بواجب لأن التوبة تكون من الذنوب، يكون بالندم عليها، فالندم توبة كما في الأخبار، ومن قال بهذا قال إن الخبر دليل زائدٌ عليها، وربما إذا رشحوا ذلك بما ثبت في الصحيحين من حديث عثمان رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "ما من مسلمٍ يتوضأ فيحسن الوضوء فيصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسًا إلا غفر الله له"،(2) فإذا كانت هاتان الركعتان تصليان ويشرع للمسلم إذا توضأ أن يصليهما فمن وقع في ذنب فمن بابٍ أولى، والطهور شطر الإيمان، فهو طهارة ظاهرة، فناسب أن يجمع مع الطهارة الباطنة وهو الندم الطهارة الظاهرة وهو الوضوء، والطهور شطر الإيمان، فهذا المعنى صحيح كما تقدم، ودلالة حديث عثمان رضي الله عنه من جهة المعنى دال عليه، وكونه أيضًا كما تقدم يستغفر الله أيضًا فيجمع بين صلاة الركعتين والاستغفار، وهو في الحقيقة يندم ويستغفر بلسانه وأيضًا يصلي هذه الصلاة فلا بأس، ثم أيضًا يمكن أن يقال إنه من تمام ذلك أن يتوضأ، لأن الذي يقع في الذنوب الوضوء طهارةٌ له وسلامة أو من أسباب وقاية شرها وضررها، ومنهم من حكا الاتفاق على مشروعية هاتين الركعتين وبالجملة هما ليستا واجبتين.أما التصدق بشيءٍ من المال فلا بأس من ذلك، ولهذا ثبت من حديث كعب بن مالك في الصحيحين أنه رضي الله عنه قال: إنه من توبتي أن أنخلع من مالي،(3) وهذا ربما استدلوا به على مسألة صلاة الركعتين، فإذا كان يشرع مثل هذا وهو أن يتصدق بشيءٍ من المال كذلك أيضًا الصلاة، فالصلاة من أجل وأفضل الأعمال البدنية، فيجمع في توبته بين عملٍ بدني وعمل مالي. والنبي عليه الصلاة والسلام قال له: "يجزئك الثلث"، يقول عليه الصلاة والسلام في الرواية الأخرى، وفي الصحيحين قال: "أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك"،(4) وجاء عند أبي داوود بإسنادٍ جيد: "يجزئك الثلث"(5)، وكذلك ما رواه أبو داوود من حديث أبي لبابة وأنه قال يكفيك الثلث أو نحو ذلك، فيتصدق بما تيسر مع الاستغفار باللسان والصلاة فيجمع بين أنواع من المطهرات، الندم باطنًا، والصلاة ظاهرًا، والاستغفار باللسان، وأن يتصدق بما تيسر من المال.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه أبو داود (1521) والترمذي (3006) وابن ماجة (1395) وأحمد (48). قال الشيخ الألباني: حسن.
(2)أخرجه مسلم (234)، (3) أخرجه البخاري (2757)، و مسلم (2769)،
(4) أخرجه البخاري (2757)، و مسلم (2769)، (5) ولأبي داود : ( يجزئ عنك الثلث ) قال الألباني في صحيح أبي داود (3319) : إسناده صحيح 


التعليقات