مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ذكر بعض أهل العلم أنه إذا نقص واجبًا من واجبات الصلاة فإن جبره بسجود السهو هذا خاص بنقص الواجبات الفعلية دون الواجبات القولية، فإن الواجبات القولية لا يشرع جبرها بسجود السهو هكذا قال ولم أقف للتفريق عندهم على دليل إلا أنه ذكر بعضهم فائدة أصولية في هذا وي

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; سبق الإشارة إلى مسألة السنن التركية، أن ما يتعلق بالواجبات الفعلية والقولية في باب سجود السهو المعروف في كلام أهل العلم أن سجود السهو مشروع من حيث الجملة في ترك الواجبات القولية والفعلية، على الخلاف فيما يجب من الأقوال، وإن كان بعض أهل العلم فرق في بعض مسائل الصلاة، وبعضهم قال هذا يشرع فيه، لكن لم يجعلوا قاعدًة في هذا الباب، وأنا لم أر في كلام من رأيت كلامه من أهل العلم أنه جعل القاعدة في باب سجود السهو أن الواجبات القولية لا سجود فيها إنما السجود في الواجبات الفعلية، لم أر هذا وينظر فمن وجد شيئًا من هذا فليجد به مشكورًا فإنها مسألة مهمة. هل هناك قاعدة في هذا الباب أن الواجبات القولية لا سجود فيها وأن السجود في الواجبات الفعلية هذه قاعدة مهمة وقاعدة عظيمة خاصة في باب الصلاة، و كيف تسكت عنها النصوص مع أنها جاءت واضحة بينة، فهل نص أحد من أهل العلم أو فرقوا بين الواجبات القولية والفعلية، وأنه لا سجود فيها بمعنى أنه لو نسي تسبيح الركوع تسبيح السجود على هذا لا سجود عليه، وهذا أمر مهم وقاعدة عظيمة، ثم هذه القاعدة قيام المقتضي ووجود المانع، هذه قاعدة ذكرها أهل العلم في كثير من المسائل واستدلوا بها لكن القاعدة في القواعد الأصولية أن تعطى حدها الذي تستوعبه ولا يتجاوز به الموضع، مثل ما ذكر في مسألة قيام رمضان وصلاة التراويح، النبي عليه الصلاة والسلام صلاها ليالٍ معدودة وامتنع خشية أن تفرض على المسلمين ويحدث الحرج، ونحن نصليها في جميع رمضان ونقول سنة، لماذا؟، فهو لم يقم عليه الصلاة والسلام لوجود مانع، ولهذا قال: كما في حديث عائشة،: «خشيت أن تكتب عليكم فلا تقومون بها»(1). أو قال: «فلا تستطيعون أن تقوموا بها» واختلف في هذا المعنى والذي اختاره الحافظ ابن حجر والجماعة هو خشية أن تفرض صلاة التراويح في رمضان جماعة في المساجد، فلما انتفى المانع بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وانقطع الوحي أحياها الصحابة وصلوها رضي الله عنهم ، فثبتت مشروعيتها من هذه الجهة، أما سجود السهو فدلت الأحاديث من جهة المعنى ومن جهة العموم، عموم اللفظ، مثل ما رواه مسلم من حديث ابن مسعود «إذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين»(2). وهذا يشمل كل زيادة وكل نقص، قال: «إذا زاد الرجل أو نقص» فأطلق عليه الصلاة والسلام، والأصل في هذا الإطلاق فكما أننا نتبعه في سنته التي يفعلها فنتبعه في سنته التي يتركها، لكن هذه سنة دلت على مشروعيته عموم هذا الدليل، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما سها من الركعتين في حديث عبد الله بن بحينه (3) قام من التشهد الأوسط صلوات الله وسلامه عليه، فترك التشهد الأوسط وترك الجلوس، هل نقول إن سجوده للسهو هذا كان لأجل تركه الجلوس، وإلا لو كان جلس مقدار التشهد ثم قام ما كان ليسجد هذا بعيد، ولو كان هو الواقع لبينه النبي عليه الصلاة والسلام، النبي حينما ترك التشهد الأوسط كان سهوًا عن أمرين الفعل وهو الجلوس، والقول وهو التشهد، وقبل التسليمتين سجد سجدتين عليه الصلاة والسلام، فلو كان فصل بين سجود السهو لبين عليه الصلاة والسلام ولقال مثلاً إنما سجدت لأنني سهوت عن الجلوس، أما القول يعني التشهد فإنه لا سهو فيه، ولكنه لم يفعل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ثم الأحاديث اللي نقلت في السجود للسهو قليلة، نحو خمسة أحاديث معروفة عنه عليه الصلاة والسلام، فالصواب قول جماهير أهل العلم في هذه المسألة وهو مشروعية السجود للأقوال والأفعال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري رقم (924) و مسلم رقم (762). (2) أخرجه مسلم رقم (900). (3) عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال: «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم». أخرجه البخاري (1166) ومسلم رقم ( 885).


التعليقات