مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ما تفسير حديث :" لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه" ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;  هذا الحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله والترمذي من حديث علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري(1) وعلي بن زيد ضعيف لكن تابعه عليه المستمر بن الريان الإيادي عند أحمد،(2) وهذه متابعة جيدة وكذلك تابعه سليمان التيمي وهذه متابعة أخرى وبهذا يصح الحديث، يصح بالمتابعات ولهه متابعات أخرى أيضًا، وكذلك رواية الحسن عن أبي سعيد وصرح الحسن بالسماع من أبي سعيد الخدري عند أحمد(3)، وفيه زيادة أنه لما قال (ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه زاد فإنه لا يقرب من أجل ولا يبعد من رزق) ، وهذه رواية الحسن وصرح بالسماع فتكون رواية جيدة، والحديث واضح، والمعنى أن الإنسان لا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأجل الهيبة، بل عليه أن يأمر، فالهيبة ليست عذر، إنما العذر هو إذا خشي الضرر، والحديث ليس فيه أنه يقع عليه ضرر، وإنما هيبة، وهل هيبة قد يوقعها نوع من الحياء والخجل وهذا ليس فيه خجل ولا حياء هذا خوار وضعف وانكسار،  مثل الحياء في طلب العلم، هذا ليس حياءً شرعيًا، بل هذا ضعف ووهن والواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالطريقة الحسنة والأسلوب الطيب المناسب أما إذا كان المانع له هو الخوف كما عند أحمد وابن ما جة(4) وهو حديث صحيح (أن الله عز وجل يسأل عبده يوم القيامة حتى يقول له ما منعك ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال ربي رجوتك وفَرِقتَ الناس.. الحديث) ، فإذا غلب على الظن وقوع الضرر يكون معذورًا، وهذا أحسن ما يُجمع به بين الحديثين، وحديث أبي سعيد في الرواية الأخرى عند أحمد وابن ماجة يفسر هذا الحديث، وأن الذي يُعذر فيه هو الخوف الذي يغلب على الظن وقوع الضرر، أو ربما يقطع به في هذه الحالة يقول عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار) (5) بل في الحقيقة قد يكون أمره في مثل هذه الحال منهيًا عنه؛ لأنه قد يترتب عليه مفسدة مادام أنه يقع عليه ضرر إذًا لا يحصل المقصود من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يعني يكون هذا المنكر الذي لابد أن ينكره، والمعروف الذي لابد أن يثبته أو أن يحققه لا يحصل، لأن هؤلاء يعتدون عليه أو يقع منهم أذية بالقول ونحو ذلك، فلا يحصل المقصود وهذا بحسب غلبة الظن، أما إذا كان مجرد هيبة فهذا نوع من الحياء غير الشرعي.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه الترمذي (2191)، وابن ماجة (4007)، وأحمد (10634). (2) متابعة المستمر بن الريان أخرجها أحمد في المسند (11217). (3) رواية الحسن البصري أخرجها أحمد في المسند (11260).
(4) أخرجه أحمد (11037). وابن ماجة (4006)، (5)"لاضرر ولاضرار" قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سبعة من الصحابة هم ابن عباس وعبادة بن الصامت وأبو سعيد وجابر وأبو هريرة وعائشة وثعلبة بن أبي مالك. 1- أما حديث ابن عباس رضي الله عنه فأخرجه أحمد (1/313) وابن ماجة (2/784) كلاهما من طريق جابر الجعفي عن عكرمة عنه، وجابر الجعفي واه ضعيف جدا. 2- أما حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه فأخرجه ابن ماجة (2/784) وأحمد في المسند (5/326) في أثناء حديث طويل وأخرجه البيهقي (6/156) كلهم من طريق موسى بن عقبة حدثني إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت ولفظه" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لاضرر ولاضرار" .قال البوصيري في الزوائد:رجاله ثقات إلا أنه منقطع لأن إسحاق بن الوليد قال الترمذي وابن عدي :لم يدرك عبادة. وذكر ابن رجب أن إسحاق بن يحيى قيل هو ابن طلحة وهو ضعيف ولم يسمع من عبادة قاله أبوزرعة وابن أبي حاتم والدارقطني وقيل انه اسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة ولم يسمع من عبادة أيضا قاله الدارقطني . والحديث كما ذكر ابن رجب:من جملة صحيفة تروى بهذا الإسناد وهي منقطعة مأخوذة من كتاب قاله ابن المديني وابوزرعة (جامع العلوم 2/208) وسنن الدارقطني(3/176). 3- أما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فأخرجه الدارقطني (3/77) والحاكم في المستدرك (2/66) والبيهقي(6/69) كلهم من طريق عبدالعزيز الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد مرفوعا وفي آخره "من ضار ضار الله به ومن شاق شق الله عليه " وهذا الحديث اختلف فيه فرواه مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه مرسلا ورجح المرسل جماعة منهم ابن رجب رحمه الله وذكر أن الدراوردي الذي خالف مالكا فوصله قد كان أحمد يضعّف مارواه من حفظه ., لكن الدراوردي صدوق روى له مسلم في الصحيح وهذا الطريق فيما يظهر أقوى طرق الحديث وهو الذي صححه الحاكم. 4-حديث جابر بن عبد الله فأخرجه الطبراني من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر الأوسط(5/238) قال ابن رجب: وهذا إسناده مقارب وهو غريب, وقد رواه ابوداود في المراسيل (407) من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ابن اسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه مرسلا وهو اصح(جامع العلوم والحكم 2/209). 5-حديث ابي هريرة أخرجه الدارقطني في سننه (4/228) وفيه يعقوب بن عطاء ضعيف 6- حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه الطبراني في الأوسط(1/90)من طريق القاسم بن محمد عنها وفي سنده روح بن صلاح ترجم له ابن عدي وضعفه، وله طريق اخرى عنها عند الدارقطني(4/227) لكن في سنده الواقدي متروك. 7-اما حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي فأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/215) ح: 2200قال:حدثنا يعقوب بن حميد نا اسحاق بن ابراهيم عن صفوان بن سليم عن ثعلبة مرفوعا وآخره زيادة وفيه اسحاق بن ابراهيم الصراف المدني لين كما في التقريب, وثعلبة له رؤية وقال ابو حاتم :حديثه مرسل وذكر ابن حجر في الإصابة أنه لا يبعد سماعه وأخرجه الطبراني في الكبير(1378) من نفس الطريق، والحديث قال الحاكم : صحيح الاسناد على شرط مسلم.وحسّن الحديث ابن الصلاح فقال:هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه ومجموعها يقوي الحديث ويحسنه وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به وقول أبي داود إنه من الأحاديث التي يدور عليها الفقه يشعر بكونه غير ضعيف .اهـ نقله عنه ابن رجب وقوى الحديث النووي رحمه الله في الأربعين فقال:له طرق يقوي بعضها بعضا .وتبعه ابن رجب فقال:وهو كما قال .وذكر أن الإمام أحمد استدل به .(جامع العلوم والحكم ص210) ،كذلك حسن الحديث العلائي فقال:للحديث شواهد ينتهي مجموعها الى درجة الصحة أو الحسن المحتج به.وكذلك حسنه السيوطي , وقد صححه لغيره الألباني في ارواء الغليل(3/410),في الصحيحة)1/448).


التعليقات