مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله : أحسن الله إليكم  في الحديث "من أحسن في الإسلام لم يؤخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ في الأول والآخر"  والسؤال له شقان: أولا : ما المراد بالإحسان في الإسلام،  ثانيا:   كيف يجمع بين هذا الحديث وبين ق

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هذا الحديث في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه "أن رجالا سألوا النبي عليه الصلاة والسلام يا رسولَ اللهِ ! أنؤاخذُ بما عمِلنا في الجاهليةِ ؟ قال : من أحسنَ في الإسلامِ لم يؤاخذْ بما عمِل في الجاهليةِ . ومن أساء في الإسلامِ أُخِذ بالأولِ والآخرِ.(1) والكلام في هذا على وجهين: الوجه الأول: يحتمل أن يكون الإساءة هنا في الإسلام أن تكون بالمعاصي والذنوب التي يرتكبها العبد، فيستمر عليها بعد إسلامه، مثل أن يكون في الجاهلية قبل إسلامه يزني أو يشرب الخمر أو يقع في الربا فأسلم واستمر على ما هو عليه من هذه المعاصي ما تاب منها، فعلى هذا يؤاخذ ببما عمل في الجاهلية؛ لأنه ما أحسن في الإسلام، واستمر على ماكان عليه، وقوله في الإسلام يعني في الظرفية أنه في هذه الحال مسلم، وهذه إساءة في الإسلام، بالمعاصي التي كان يفعلها في الجاهلية. ويظهر أنه لا مخالفة بين هذا وبين قوله تعالى: "قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ "(2)؛ لأنه في الحقيقة لم ينتهِ عن المعصية، هو انتهى عن الشرك فغفر له شركه، لكن لم ينتهِ عما هو عليه من معاصي مثل شرب الخمر والزنا والربا ما انتهى فالانتهاء إما أن يكون انتهاء مطلقا عن الشرك والمعاصي، وإما يكون انتهاء عن الشرك الأكبر و لم ينتهِ عن بعض الذنوب فيبقى عليه إثمه مما سبق؛ لأنه لم يتب. الوجه الثاني: الذي ينبغي أن يقال من أحسن في الإسلام، يعني من أسلم إسلاما حسنا، إسلاما صادقا ليس كإسلام المنافقين الذي أسلم رياء وهو في الباطن منافق، ومن أساء في الإسلام يعني دخل في الإسلام دخولا ظاهرا ولم يسلم إسلاما صحيحا، أو إنه أسلم ثم عاد لدينه السوء. فالمعنى أساء يعني بالكفر، إما ابتداء من أول ما دخل لم يكن صادق كظاهر إسلام المنافقين النفاق الاعتقادي الأكبر أو أنه كفر بعد إسلامه فهذا يؤاخذ؛ لأنه في الحقيقة لم ينتهِ.  وعلى هذا لا مخالفة في الظاهر بين ما جاء في الحديث وما جاء في الآية، يعني قد يبدو التعارض في الظاهر لكن الآيات والأدلة لا تتعارض في نفس الأمر، إنما قد يحصل في نظر طالب العلم أو العالم أو المتأمل، قد يحصل في نظره وفكره شيء من التعارض فيزول بالتأمل .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اخرجه البخاري في صحيحه (6921)، ومسلم (120). (2) سورة الأنفال الآية (38).


التعليقات