• تاريخ النشر : 31/07/2016
  • 412
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

يقول السائل : من أراد أن يدعو فهل عليه أن يلتزم بنص الدعاء، وهل يجوز له أن يأخذ من كل دعاء؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; من أراد أن يدعو يختار الجوامع، كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود: "كان يستحبُّ الجوامِعَ من الدعاءِ(1)، كذلك حديث ابن مسعود: "وكان إذا دعا،دعا ثلاثًا"(2) صحيح مسلم، آداب الدعاء كثيرة ويسيرة ولله الحمد، من أهمها: أنك تتخير الجوامع من الدعاء، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(3)،" سورة البقرة، الآية: 201 اللهمَّ إني أسألُك الهدى والتقى، والعفافَ والغنى"(4) صحيح مسلم، "اللهمَّ إني أعوذُ بك من زوالِ نِعمتِك، وتحوُّلِ عافيتِك، وفُجاءَة نِقمتِك، وجميعِ سُخطِك"(5) صحيح مسلم، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء،(6) "اللهم اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ"(7) صحيح البخاري الحديث بطوله، المفروض تجمع جوامع الدعاء مع التفصيل لا بأس، النبي عليه الصلاة والسلام كان يفصل في الأدعية، وتكرر الدعاء مع الإلحاح والإقبال بقلبك، وتحري وقت الإجابة، ومع التوسل أيضاً: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(8)، سورة الأعراف، الآية: 180 {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}(9)، سورة الأعراف، الآية: 55 التضرع والتوسل وتقدم بين يدي الدعاء المطلوب الثناء عليه سبحانه وتعالى، تثني عليه وتسبيحه وتهليله وتكبيره، "سمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يَدعو في صلاتِهِ لم يُمجِّدِ اللَّهَ تعالى ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ:عجِلَ هذا، ثمَّ دعاهُ، فقالَ لَهُ أو لغيرِهِ: إذا صلَّى أحدُكُم فليَبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ جلَّ وعزَّ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ"(10)، وكذلك حديث أبي زهير النميري: أنه قال عليه الصلاة والسلام: "أوجبَ إن خَتَمَ، فقال رَجلٌ من القَومِ: بِأيِّ شىءٍ يَخِتمُ؟ فقال: آمينَ"(11) ضعفه الألباني، فآمين كالطابع، ويشرع أن تقول في ختام دعائك آمين، كونك تتخير الأدعية لا بأس، تأخذ من هنا ومن هنا والإنسان لا يتكلف، إنما عليه أن يجتهد فيما سمحت به نفسه، وما جرى على خاطره من الأدعية حتى لا يتكلف، ولا يتكلف السجع، ولا يتكلف في الدعاء، إنما عليه بحضور القلب، فلا يتكلف التكلف الذي يصرفه، بعض الناس يعتني مثلاً بتنغيم صوته ونحو ذلك، لا، المقصود أن تُقبِل، والمقصود أن تُلح، ولا تقل: قد دعوت وقد دعوت، لا، ألح، أنت حينما تدعو وتستمر هذا علامة الإجابة، حينما تلح في الدعاء وتستمر وتواصل هذا دليل أنك أُجِبت، من أدلة الإجابة: هو الاستمرار والمواصلة، قال عمر رضي الله عنه: "من فُتحت له أبواب الدعاء، فُتحت له أبواب الإجابة"(12)، أنت عليك الدعاء، الدعاء عبادة، أنت وأنت تدعو في عبادة، بعض الناس ربما يغفل عن هذا المعنى، "الدُّعاءُ هوَ العبادةُ"(13) صححه الألباني كما في حديث النعمان بن بشير عند الأربعة، وفي لفظ آخر بطريق ابن لهيعة: "الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ"(14) ضعفه الألباني، لكن حديث النعمان أبلغ "هوَ العبادةُ"، كلها، لبها ومخها العبادة، دعاء ثناء، ودعاء مسألة، فألح واستمر في الدعاء، مع الثناء والمبالغة وصدق الملجأ إليه سبحانه وتعالى، وكما جاء في الحديث: "ما من مسلمٍ يَدْعُو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه اللهُ بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يُعَجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يَدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصْرِفَ عنه من السُّوءِ مِثْلَها، قالوا: إذَنْ نُكَثِّرُ؟! قال:اللهُ أكثرُ"(15) صححه الألباني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1خرجه أبو داود ح (1482)، وأحمد (6/148)، وابن حبان كما في الإحسان (867)، والطبراني في الدعاء ح (50)، والحاكم في المستدرك (1/723) وصححه. 2 أخرجه البخاري ح (240)، ومسلم ح (1794).     ) 3 اللهمَّ إني أسألُك الهدى والتقى ومسلم2723).     ) 4 اللهمَّ إني أعوذُ بك من زوالِ نِعمتِك 2739 5 اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء خ(80) وم(48) 6 اللهم اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ خ(6398) وم(2719) 7عجل هذا أخرجه أبو داود (1481) عن الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3477) ، والبزار في "مسنده" (3748) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" (106) ، وابن خزيمة (710) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2242) ، وابن حبان (1960) ، والطبراني في الكبير" 18/ (791) و (793) ، والحاكم 1/230 و268، والبيهقي 2/147-148 من طرق عن أبي عبد الرحمن المقرىء، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه النسائي 3/44، وابن خزيمة (709) ، والطبراني 18/ (795) من طريق عبد الله بن وهب، عن أبي هانىء، به. أوجبَ إن خَتَمَ  8 د (938) وضعفه الألباني طبراني كبير 756 الدعاء هو العبادة9 أخرجه الترمذي (3247) ، والطبري في "التفسير" 24/78، والحاكم 1/490-491، والبيهقي في "الشعب" (1105) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. مخ العبادة ت()3371 وضعفه الألباني لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبَانَ إِلَّا عُبَيْدُ اللَّهِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَطب أوسط (3196) وفي "المسند" (11133) من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، واما أن يصرف عنه من السوء مثلها" وإسناده جيد. وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت عند الترمذي (3890)، وقال بإثره: حديث حسن صحيح. وأخرجه البزار (3144) (زوائد) من طريق أبي عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/201، وعبد بن حميد في "المنتخب" (937) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (710) ، والبيهقي في "الشعب" (1130) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/344 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وأخرجه أبو يعلى (1019) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/311، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/334-344، والمزي في "تهذيب الكمال" 21/75 من طريق شيبان بن فروخ الأيلي، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/312، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/344-345 من طريق جعفر بن سليمان الضُّبعي، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/493 من طريق محمد بن يزيد أبي هشام، أربعتهم عن علي بن علي، به. وقال أبو نعيم: غريب من حديث أبي المتوكل، تفرد برفعه عن علي -فيما أعلم- شيبان، ورواه علي بن الجعد، عن علي، مرسلاً. قلنا: بل رفعه غيره كما هو مبين في التخريج، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد إلا أن الشيخين لم يخرجاه عن علي بن علي الرفاعي، ووافقه الذهبي. وأخرجه البزار (3143) (زوائد) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، به، إلا أن فيه "وإما أن يغفر له بها ذنباً" بدل قوله: "وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها". وهذا إسناد محتمل للتحسين، سعيد بن بشير هو الأزدي الدمشقي، ضعفه الأئمة، ووثقه دحيم، وقال شعبة: صدوق اللسان. وقال البخاري: يتكلمون في حفظه، وهو يحتمل.


التعليقات