يقول السائل : إذا دعا الإمام في خطبة الجمعة، هل يرفع الناس أيديهم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا يشرع رفع اليدين لا للإمام ولا لغير الإمام،لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في حديث عمارة بن رويبة: "رأى بشرَ بنَ مروانَ على المنبرِ رافعًا يديْهِ،فقال: قبَّحَ اللهُ هاتينِ اليديْنِ، لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما يزيدُ على أن يقول بيدِه هكذا، وأشار بإصبعيْهِ المُسَبِّحَةِ، وفي روايةٍ: رأيتُ بشرَ بنَ مروانَ، يومَ جمعةٍ، يرفعُ يديْهِ. فقال عمارةُ بنُ رؤيبةَ، فذكر نحوَه"() صحيح مسلم.فعند الدعاء الإشارة بالإصبع في حال الخطبة هذا هو السنة، هكذا كان يشير بإصبعه عليه الصلاة والسلام. وثبت في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع: "فقال بإصبعِه السبَّابةِ، يرفعُها إلى السماءِ وينكتُها إلى الناسِ اللهمَّ اشهدْ اللهمَّ اشهد ثلاث مراتٍ"صحيح مسلم(). فيشير بالتوحيد بإشارة إصبعه ويشير إلى الناس يستشهدهم على ذلك عليه الصلاة والسلام هكذا كان يشير في خطبة الجمعة وكذلك في خطبته يوم عرفة عليه الصلاة والسلام. أما رفع اليدين فإن السبب يقتضيه ، ومع ذلك النبي لم يفعل، يعنى لو كان مشروعاً لرفع النبي عليه الصلاة والسلام يديه، فلما لم يرفع دل على أنه غير مشروع الرفع، حال مطلقة لا بأس أن يرفع أحياناً لكن لا يتخذه سنة.إنما ترفع اليدان إذا دعا الإمام في خطبة الاستسقاء، كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس(3)، والحديث في الصحيحين في قصة ذلك الرجل لما جاء للنبي فقال: "فقال: يارسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا أن يسقينا،قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه" (4).وعند أحمد موصولاً أيضاً وفيه:"ورفع الناس أيديهم"(5)،فلا بأس من رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء، وكذلك الإنسان إذا استسقى لنفسه لا بأس أن يرفع يديه، وثبت هذا أيضاً عند أبي داود: من حديث عمير مولى آبي اللحم: "أنه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يستسقي عند أحجارِ الزَّيتِ قريبًا من الزَّوراءِ قائمًا يدعو يستسقي رافعًا يدَيه قبلَ وجهِه لا يجاوزُ بهما رأسَه" سنن أبي داود (6). هذا يبين جواز أن يستسقي الإنسان وحده، لو إنسان استسقى وحده، سأل الله سبحانه وتعالى ورفع يديه، فهذا أيضاً من المواضع التي تشرع فيها رفع اليدين للإنسان، إنسان في مكان يحتاج إلى ماء لبهائمه ورفع يديه واستسقى وسأل الله سبحانه وتعالى، هذا مما يشرع. فهذه هي المواطن التي ورد فيها رفع اليدين، وصفتها لها صفات معروفة ذكرها ابن رجب رحمه الله في فتح الباري أنها خمس صفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ , فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ الْقَصِيرَتَيْنِ ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَمَا يَزِيدُ عَلَى هَكَذَا ، وَأَشَارَ أَبُو عَوَانَةَ بِالسَّبَّابَةِ " أخرجه مسلم (875).
(2) أخرجه مسلم (1218)،
(3) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه " أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ ، إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ " أخرجه مسلم (1498)،
(4) أخرجه البخاري (932)، ومسلم (899).
(5) أخرج البخاري (933) ومسلم (897) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَ الْمَالُ ، وَجَاعَ الْعِيَالُ ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا . فَرَفَعَ يَدَيْهِ [زَادَ البخاري في رواية تعليقاً ووصلها البيهقي : ( وَرَفَعَ النَّاس أَيْدِيهمْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَ (.
(6) أخرجه أبو داود، رقم (1172)،