يقول السائل : ما حكم رفع اليدين في الدعاء عند الإفطار؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
رفع اليدين في الدعاء جاء في أخبار عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر في الصحيحين، لكن لم يأت مقيداً عنه صلى الله عليه وسلم بل جاء مطلقاً في الصحيحين وغيرهما عنه عليه الصلاة والسلام (1)، وجاء في أخبار أخرى أيضاً مقيد في قنوت الوتر وفي قنوت النوازل، وجاء أيضاً رفع اليدين بعد الفراغ في عدة أخبار فيها أحاديث ضعيفة لكن الحافظ ابن حجر حسنها وقواها، ثلاث أحاديث وردت في هذا الباب أسانيدها ضعيفة، لكن البحث الآن عن رفع اليدين في الدعاء عند الفطر، والذي يظهر والله أعلم إن اتخذه راتباً لازماً كلما أفطر فهذا لا يظهر أنه يشرع، وإن فعله أحياناً فلا بأس، القاعدة الشرعية: أن الشيء الذي يرد مطلقا يعمل به مطلقاً بدون تقييد، فإذا رفعها أحياناً مثل إنسان بعد صلاة النافلة يرفع يديه أحياناً، لا بأس،لكن مداومة الرفع هذا فيه نظر، إلا إذا ثبت الخبر الوارد في هذا الباب والأخبار ضعيفة.
كذلك رفع اليدين في الدعاء لمن أفطر فإذا رفعها أحياناً فلا بأس، والمقصود هو الدعاء والإلحاح، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن دعاء الصائم في هذا الوقت أنه مجاب (2) كما تقدم الإشارة إليه، والقاعدة في هذا أن العمل إذا ورد مطلقاً فقيدناه بحال فإنه غير مشروع بل نورده على إطلاقه بدون هيئة معينة (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ومِن ذلك صنيعُ خالدِ بنِ الوليد رضي الله عنه مع بني جَذِيمَةَ وفيه: «فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)مَرَّتَيْنِ) أخرجه البخاري في «المغازي» باب بعث النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم خالدَ بن الوليد إلى بني جَذيمة (٤٣٣٩)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وفي فتح مكَّةَ: «رَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ". أخرجه مسلم في «الجهاد والسير» (١٧٨٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي قصَّة الكسوف: «فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو) أخرجه مسلم في «الكسوف» (٩١٣) من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه.
بل ثبتت في مواطنَ أخرى، ففي قصَّة ابن اللُّتْبِيَّة: «ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ) أخرجه البخاري في «الهبة وفضلها والتحريض عليها» بابُ مَن لم يقبل الهديَّة لعِلَّةٍ (٢٥٩٧)، ومسلم في «الإمارة» (١٨٣٢)، مِن حديث أبي حُميدٍ الساعديِّ رضي الله عنه
(2)عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قال : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الصَّائِمُ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ " .
أخرجه أحمد في المسند (9827). وابن أبي شيبة في المصنف (8987).
وعن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر)). أخرجه البيهقي فِي السنن الكُبْرَى(3/345)، والضياء فِي الأحاديث المختارة(2057)، وَصَحَّحَهُ الضياء فِي المختارة.
(3) انظر الموافقات للشاطبي (6/425).