الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; هذه المسألة وقع فيها خلاف، منهم من جوزها وقالوا جاء ما يدل على ذلك في قوله تعالى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}⁽¹⁾  وكذلك قول {إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ}⁽²⁾، قالوا خليفة عنه سبحانه وتعالى بمعنى أنه يقيم شرع الله ودين الله، وقيل خليفة بمعنى يخلف بعضهم بعضا، والذين قالوا لا يجوز قالوا إنه خليفة بمعنى مستخلف عمن سبق، قال تعالى:{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}⁽³⁾ يعنى أنه خليفة يخلف من قبله، فبعضهم يخلف بعض مثل الخلفاء يخلف بعضهم بعض، هذا المعنى هو الذي حملوه على ما هو واستدلوا أيضًا بأن النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم قال «وأنت الخليفة في الأهل»⁽⁴⁾ وأنت الخليفة يعنى أن الله هو الصاحب في السفر وهو المعين في السفر وهو الخليفة في الأهل يعني يحفظ أهله سبحانه وتعالى ويستودع الله سبحانه وتعالى أهله، فهو الخليفة في هذا المعنى وكذلك في صحيح مسلم «والله خليفتي على كل مسلم» ⁽⁵⁾. وجاء أثر عن أبي بكر ذكره شيخ الإسلام واستدل به على عدم الجواز وأنه لما قيل له: يا خليفة الله في الأرض قال لست خليفة الله وإنما أنا خليفة رسول الله عليه السلام"⁽⁶⁾ وهذا إن صح عنه لعله والله أعلم من باب التوقي في مثل هذا، والأولى ألا تستعمل هذه الألفاظ وتجتنب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سورة البقرة: الآية (30). (2) سورة ص: الآية (26). (3) سورة يونس رقم الآية (14). (4) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سافر:" اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال اللهم اطو لنا الأرض وهون علينا السفر" أخرجه أبو داود رقم (2598) ، والترمذي رقم (3438) ، والنسائي رقم (5501) وأحمد في المسند رقم (9316) . (5) أخرجه  مسلم  رقم (2937) . (6) ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " الفتاوى " ( 2 / 461 ).