يسأل عن تحية العَلَم وسَلَام العَلَم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
التحية بين أهل الإسلام هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويرد المسلم وهي تحية أهل الإسلام في الدنيا وتحيتهم في الآخرة هذه تحية أهل الإسلام، والتحية تكون لأهل الإسلام ولذا كانت التحية شرفًا لأهل الإسلام ولا تُبذل لكافر ولا تسلم على كافر إنما تحسن إليه بالقول وتحيه ببعض أنواع التحايا من باب الرفق وحسن المعاملة وتطييب القلب والنفس فيكون أدعى لقبول الحق والإسلام هذا هو المشروع أما السلام فلا، لما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق»(1). وليس المعنى المضايقة بل المعنى أن المسلم لا يجعل العزة لغيره لا، كما أنه لا يجوز أن يؤذي غيره من أهل الكتاب ممن هم أهل عهد أو ذمة أو نحو ذلك، ممن لهم حقوق في بلاد الإسلام ولم يبدُ منهم خلاف ذلك، فهذه تحية الإسلام فلا تبذل لغير ذلك ولا تشرع لغير ذلك، ولعظم هذه التحية فإنه يُشرع ردها حتى في الصلاة، ردها في الصلاة بالإشارة، مع أن الإشارة منهي عنها وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن عمرو عند الترمذي أن تحية اليهود هي الإشارة بالأكف أو النصارى الإشارة بالأكف واليهود الإشارة بالأصابع(2)، وكذلك حديث جابر عند النسائي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «تحية اليهود الإشارة بالأكف والرؤوس والأصابع»(3). وهو عند النسائي وسنده لا بأس به ومع ذلك يجوز الإشارة باليد في الصلاة تحصيلًا لرد السلام؛ لأنه إذا لم يمكن أن يرد السلام بالقول فإن حُصِلت المصلحة العظيمة برد السلام وإن كان بالإشارة على هذا الوجه في الصلاة فلا يُفوِّت رد تحية أخيه المسلم، و من حديث ابن عمر أنه سأل بلال، كيف كان يردون على النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب إلى قباء فأخبره أنه كان يرد عليهم بالإشارة وكانوا في أول الأمر يسلمون ويُرد باللفظ ثم نسخ ذلك ونسخ الكلام في الصلاة (4)، وجاء معناه في حديث صهيب(5) وكل هذا تعظيم لأمر السلام وبيان أنه من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ولذا لو كان أخوك المسلم بعيد فإنك تسلم عليه بالقول فإن كان لا يمكن أن يسمع أو لا يمكن أن تسمع فتسلم عليه بالقول وتشير بيدك حتى ينتبه للتحية فإشارتك من هذا الباب، وجاء في حديث أسماء عند الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام مر بعصبةٍ من النساء فألوى بيده التسليم عليهن (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم رقم (2163).
(2) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالكف ". أخرجه الترمذي (2696) عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال: " إسناده ضعيف، وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه وقال الشيخ في الصحيحة تحت حديث رقم (2194). وانظر صحيح الجامع رقم 5434
(3) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالأَكُفِّ وَالرُّؤوسِ وَالإِشَارَةِ أخرجه النسائي في الكبرى (10095) والبيهقي في شعب الإيمان (8911)،
(4) أخرجه أبو داود حديث (927)، والترمذي حديث (368)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5) أخرجه أبو داود حديث (925)،
(6) أخرجه الترمذي حديث (2697)، وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد في المسند حديث (27630)، والبخاري في الأدب المفرد (1002)،