يقول السائل : هل تصح الصلاة خلف الخوارج وأمثالهم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الصلاة خلف الخوارج وأهل البدع، هذه فيها خلاف؛
ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تصح الصلاة خلف أهل البدع ، وكذلك بعضهم شدد وقال خلف كل فاسق وكافر وهذا هو مذهب أحمد والشافعي.
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى صحتها ولا تصح.
والصواب في هذا أنها تصح عند الحاجة أنه إذا لم يجد إلا هؤلاء فلا بأس، لو أن إنسان كان في بلد والمساجد يصلي فيها أناس من أهل البدع ولا يمكن دفعهم ولا إزالتهم، وكذلك الجمع، ولو أُمر بترك الصلاة خلفهم لتركت الجمع والجماعة، فلا بأس، النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم»، رواه البخاري(1)، وروى أحمد قال: «صلوا فإن أصابوا فلهم ولكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم»(2)، وروى أيضًا داود في حديث صحيح عن عقبة بن عامر أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «من أمّ الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم، ومن أمّ الناس ولم يصب الوقت ولم يتم الصلاة فعليه ولا عليهم»(3)، وقال النبي –عليه الصلاة والسلام- فيما ذكر الأمراء يؤخرون الصلاة؛ في حديث أبي ذر(4) وابن مسعود(5): فصلوا معهم، قال: «صلوا الصلاة لوقتها، وإذا لم تقم الصلاة معهم فاجعلوا صلاتكم معهم سبحة»؛ المعنى أنه إذا كانت تؤخر عن وقتها فأنت لا تصلي صليها في وقتها، وتكون صلاتك معهم سبحة، فالنبي-عليه الصلاة والسلام- عدها صلاة صحيحة، إنما إذا كان هذا المبتدع الذي لا يمكن إزالته يصلي في الوقت ولو قيام صلي معه، اضطررت إلى ترك الجمعة والجماعات فإنك تصلي معه، هذا قول جماهير السلف روي عليهم.
وروى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال لعثمان –رضي الله عنه- إنك إمام الجماعة، ويصلي بنا إمام فتنة، قال عثمان: الصلاة خير ما عمل الناس، فإذا أقيمت الصلاة فصلي معه؛ لأنه لما جاء الذين اعتدوا وحاصروا المدينة وفعلوا ما فعل تقدم بعض أهل الضلال والبدع، فقال عثمان صلي معهم والصلاة خير ما يعمل الناس، فلا تترك الصلاة معهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُصَلُّونَ بِكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " .
أخرجه البخاري (694) ،
(2)أخرجه أحمد (8663) ،
(3)أخرجه أبو داود (580) وابن ماجة (983)،وهو في "مسند أحمد" (17305)، و"صحيح ابن حبان" (2221).
(4) حديث أبي ذر أخرجه مسلم (648) ،
(5) حديث ابن مسعود أخرجه مسلم (534) (26) ،
(6) أخرجه البخاري (695) ، وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله على هذا الأثر بقوله: (باب إمامة المفتون والمبتدع( الفتح (2/188).