يسأل عن حكم ارتفاع الإمام عن المأمومين؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
ارتفاع الإمام عن المأموم إن كان بغير حاجة، فهذا يمنع و الجمهور على الكراهة، في حديث ابن مسعود عن عمار و حذيفة و عند أبي داوود، فيه أن عمار تقدم رضي الله عنه، وكان على شيء مرتفع، فتناوله أبو مسعود الأنصاري، ورواية فيها اختلاف من يتناوله فنزل من مكانه، فقال له: أما علمت أنه يُنهى أن يصلي في مكان أرفع منهم؟ قال: ذكرت حين مددتني، ذكرت حين مددتني، يعني حينما مددت يديك إلي فمددت يدي إليك و رجعت إليك.(1)، أما إذا كان بحاجة فلا بأس بذلك، وثبت في الصحيح عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أنه عليه الصلاة والسلام صلى بهم يوما، فصعد المنبر على الدرجة الأولى فوقهم، فجعل يصلي يركع فإذا أراد السجود سجد في أصل، فلما فرغ، قال: إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي. (2) فإذا كان ارتفاع الإمام عن المأموم لأجل التعليم أو لحاجة، مثل أن يكون المكان الذي هو فيه يحتاج إلي ذلك كالجنائز ونحو ذلك، أو يكون فيه المسجد فلا بأس بذلك ولا كراهة،
إن كان بغير حاجة فالجمهور على الكراهة، ويدل على ذلك الصحابي راوي الحديث رضي الله عنه، أقره على صلاته ولم يبطل الصلاة، ولم يأمره باستئناف الصلاة، واتفقوا على ذلك وهم رواه في الخبر. هذا يدل على أن الصلاة صحيحة، مما يدل على أن هذا خلاف الأولى، أو أنه مكروه وأن السنة أن يكون الإمام على سند المأموم، نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عن همامٍ أن حُذيفة أمَّ الناسَ بالمدائن على دُكَّانِ، فأخذ أبو مسعود بقميصِه فجَبَذَه، فلمَّا فَرَغَ من صلاتِه قال: ألم تعلم أنَهم كانوا يُنهَونَ عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرتُ حين مَدَدتَني. أخرجه أبو داود في "سننه" (1/ 163)، الحديث (597) ، وفي رواية أخرى: أن الإمام كان عمار بن ياسر، والذي جبَذَه حذيفة، قال ابن حجر في "التلخيص" (2/ 34): وهو مرفوع، لكن فيه مجهول، ثم قال: والأوَّل أقوى؛ حيث صحَّحه ابن خزيمة، وابن حبان والحاكم، وفي رواية للحاكم التصريح برفعه، وقد ورد أنه جذبه (سلمان الفارسي) كما في "البدائع" (1/ 146)، و"المهذب" (1/ 107)، وقد علق على هذه الرواية النووي في شرحه على المهذب ("المجموع" 4/ 295)، قائلاً: وأمَّا قصة حذيفة وسلمان... فهكذا وقع في "المهذب" أن سلمان جذب حذيفة، وقد رواه البيهقي في "السنن الكبرى" بإسناد ضعيف جدًّا، والمشهور المعروف "فجذبه أبو مسعود"، وهو البدري الأنصاري، هكذا رواه الشافعي، وأبو داود، والبيهقي، ومَن لا يُحصَى من كبار المحدِّثين ومصنِّفيهم، وإسناده صحيح، يُنظَر: "المجموع" (4/ 295)، و"الأم"؛ للإمام الشافعي (1/ 172)، وقد جمع طرقه الألباني في "الإرواء" (2/ 331- 332)، وحسَّن إسناده باللفظ الذي أوردته.
(2)حديث سهل بن سعد - رضِي الله عنه - قال: "صلَّى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على المنبر فكبَّر وكبَّر الناس وراءه، فقَرَأ ورَكَع، ورَكَع الناس خلفَه، ثم رفَع، ثم رجَع القهقَرَى فسَجَد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر ثم قرأ، ثم رَكَع، ثم رَفَع رأسه، ثم رَجَع القهقرى حتى سجد بالأرض، ثم أقبَل على الناس فقال: ((إنما صنعت هذا لتأتَمُّوا بي، ولتعلموا صلاتي((. أخرجه البخاري رقم (377)، (917)، ومسلم رقم (544).