يقول السائل : رجلٍ يريد السفر يوم الجمعة الساعة الثانية ظهرًا، هل يجوز أن يجمع بين الجمعة وبين العصر؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; جمع العصر إلى الجمعة الجمهور على أنه لا يصح، وذهب الشافعي إلى الجواز، والأظهر هو قول الجمهور وأن الجمعة لا تضم إليها العصر، لأن الجمع ورد بين الظهر والعصر، و بين المغرب والعشاء، ولم يرد في العصر والجمعة، الجمعة صلاة مستقلة ليست بدلًا من الظهر، والأصل في هذا الباب هو الجمع بالتوقيف، ولذا نجمع هاتين الصلاتين، نجمع النهاريتين والليليتين إلى بعضهم، جمع تقديم وجمع تأخير بحسب الحاجة، عند وجود سبب الجمع، أما صلاة العصر مع الجمعة لم يأت دليلٌ بينٌ في هذه المسألة، ثم صلاة العصر كما تقدم إذا جمعناها إلى الجمعة يلزم عليه أن تصلى مباشر، لآن هذا هو الجمع، والجمعة عند جمعٍ من أهل العلم يجوز أن تصلى قبل الزوال، فلو صلينا الجمعة قبل الزوال هل نجمع إليها العصر؟، لا نجمع إليها بلا خلاف، فإذا كانت هذه الصورة تدل على أنه لا تجمع إليها فغيرها من الصور كذلك، وجاء من الأحاديث انه صلاها قبل الزوال، والمسألة محتملة لكن على قول بعض أهل العلم، ولما كانت الصورة خارجة منها ولو فعل ما كان جمعًا، بل وجب عليه أن ينتظر حتى يحضر وقت الظهر، يعني لو صليت الجمعة قبل الزوال فإنه على هذا القول أنه يجوز الجمع لا يجوز أن تجمعها إلا بعد الزوال، هذا يبين أن العصر لا تجمع إلا لصلاة بعد الزوال، وهي صلاة الظهر التي بعد الزوال بلا خلاف، أما الجمعة ما فيها الخلاف المتقدم، ثم ثبت في الصحيحين من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام استسقى(1)، ولما استسقى نزل المطر مباشرة وتحادر وسالت المدينة في ذلك اليوم، هل ذكر أنه جمع؟، ما ذكر أنه جمع، مع أن هذا وقت محل جمع، والمطر حتى تحادر المطر على لحيته عليه الصلاة والسلام، إلى الجمعة الثانية حتى استسقى عليه الصلاة والسلام، ولو أنه جمع لا يمكن أن لا ينقل، وهذا مما يدل أيضًا على عدم مشروعية الجمع بينهما. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُغِثْنَا ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا»، قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: فَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ حَوْلَنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللهُمَّ عَلَى الْآكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» . أخرجه البخاري رقم (1014). ومسلم (897).