مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1435
السؤال :

يقول السائل : إذا كان صلاتها في الحرم يترتب عليها اختلاطه بالرجال، هل أولى أن تصلي في الفندق أو تصلي في الحرم؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; نقول إذا ترتب على ذلك اختلاط فالأفضل جزماً صلاتها في مكانها الذي تسكن فيه في الفندق تصلي، وهو الأفضل والأكمل، وما دام نيتها تحصيل الفضائل التي توجد في الحرم فيرجى أن تحصل لها مع المضاعفة، تقدم أن المضاعفة تشمل جميع الحرم، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر في أحاديث كثيرة: حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة))(1) متفق عليه، وعند أبي داود بإسناد صحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال:((أو ما ترى قرب بيتي من المسجد؟)(2) لا يكلفه مشي كثير((فلأن أصلي في بيتي أحب إليّ من أن أصلي في المسجد)(3) يعني حينما يكون الإنسان في المدينة فيريد أن يصلي النافلة، صلاة النافلة في البيت أفضل من صلاتها في المسجد، يقول: طيب الصلاة في المسجد بألف صلاة في المسجد النبوي والصلاة في البيت بصلاة واحدة، نقول: صلاتك في بيتك بصلاة واحدة أفضل من ألف صلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام، لأنك حينما تصلي النافلة في البيت تكون متبعاً للسنة واتباع السنة لا يعدلها شيء، وإن حصلت المضاعفة لأن جهات الفضل تتفاوت. ولهذا اعتبر هذا بصلاة المرأة في المسجد: لو صلت في المسجد فلها سبع وعشرون درجة كما في حديث ابن عمر في الصحيحين(4)، أو خمس وعشرون درجة كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين(5) وحديث أبي سعيد في صحيح البخاري(6)، ومع ذلك إذا صلت فرضها في بيتها فهو أفضل من صلاة الفرد في المسجد مع المضاعفة، لأن صلاتها في بيتها يحصل فيها من الفضائل ما لا يحصل،و((أقرب ما تكون المرأة من ربها إذا كانت في قعر بيتها)) عن ابن مسعود(7)، معناه في سنن أبي داود وكذلك عند ابن خزيمة،(8). وقالت أم حميد: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: ((قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ)) الحجرة هي المكان المتسع في الدار، ((صلاتك في بيتك)) وهو أقصى مكان في البيت، البيت هو المكان الأقصى والمخدع الذي لا يبصرها فيه أحد، ((َصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ))والحجرة التي تكون إحدى الحجر((وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ)) وهو المكان المتسع من الدار كالصالة ونحوها،((وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ،وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي)) (9) ، والأحاديث في هذا كثيرة، فلهذا اتباع السنة لا يعدلها شيء.وفي سنن أبي داود بإسناد  صحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:" أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أدركهما الوقت وليس معهما ماء فتيمما فصليا ثم أدركا الماء في الوقت بعد الفراغ من الصلاة، إذا أدرك الإنسان الماء وقد صلى ماذا نقول في حكم صلاته؟ صحيحة لا يعيدها، فرغ من صلاته، قال: فأدركا الماء في الوقت: أما أحدهما فأعاد الصلاة كم صلى؟ صلاتين: الصلاة الأولى والصلاة الثانية، فلما قدما إلى النبي عليه الصلاة والسلام ذكرا له الواقعة، فقال عليه الصلاة والسلام للذي لم يعد:((أصبت السنة)) وللذي أعاد:((لك الأجر مرتين)(10) باتباع السنة، ولهذا ترى أهل البدع من أشق الناس وأشقى الناس في العمل لكنها: {عَامِلَةٌنَاصِبَةٌ}(11)  لا قيمة للعمل الذي ليس على سنة فيكون على بدعة أو ضلالة، قد يُعذر الإنسان عندما يجهل أو يُجَهل بمعنى أن يقتدي بمن يضله مثلاً ويكون قصده إرادة الخير لكن مثل ذها العمل على هذا الوجه لا يُشرع.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (731) ، ومسلم (781) (214) ، (2) أخرجه ابن ماجه (1378). وهو في صحيح ابن خزيمة (1136). وفي الأحاديث المختارة(388). (3) أخرجه أبو داود (211) وابنُ ماجه (651) و (1378) ، والدارمي (1073) ، وابن خزيمة (1202) ،
(4) البخاري ( 619 ) ومسلم ( 650 ) ، ولفظه : "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " . (5) البخاري ( 4717 ) ومسلم ( 649 ) ، (6) حديث أبي سعيد الخدري ، وقد رواه البخاري ( 619 ) ، ولفظه : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة " . (7) أخرجه الترمذي (1173) وقال الترمذي: حسن غريب، وابن خزيمة (1686) ، والطبراني (10115).  (8) أخرجه أبو داود (570) في الصلاة: باب التشديد في ذلك، وابن خزيمة (1690).
(9) أخرجه أحمد 6/371 وابن أبي شيبة 2/384-385، وابن خزيمة في "صحيحه" "1689"  والطبراني 25/ "356"، والبيهقي 3/132-133 . (10) أخرجه أبو داود (338) و النسائي في "المجتبى" (433)، والدارقطني (727)، والبيهقي 1/ 231
(11) سورة: الغاشية (3).


التعليقات