مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1436
السؤال :

يقول السائل : عندما أصلي أمام الكعبة أنظر إلى مكان سجودي أو إلى الكعبة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذا يرجع إلى مسألة خلافية وهو هل المصلي ينظر أمامه أو ينظر إلى موضع سجوده، جمهور العلماء يقولون: ينظر إلى موضع سجوده وأن هذا معنى قوله سبحانه وتعالى { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [المؤمنون:1و2] وروى في هذا حديث عن أم سلمة عند ابن ماجه ()كانوا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ينظرون إلى مواضع أقدامهم ولما كان في عهد عمر وأبي بكر نظروا إلى مواضع سجودهم لكن الحديث لا يصح.إنما ظاهر{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ }  الآية وأن المعنى هو رمي البصر إلى الأرض وهذا جاء أيضًا في مرسل ابن سيرين(1) وجاء موصول أيضًا من طريق آخر، ويشهد له أيضًا ما جاء في الرواية  أنه رمى ببصره عليه الصلاة والسلام إلى موضع سجوده(2) وجودها بعض أهل العلم، وذهب مالك رحمه الله إلى أنه ينظر أمامه. وبوب البخاري رحمه الله قال: باب ينظر المصلي قدامه أو أمامه وذكر أحاديث في هذا الباب، حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام عرضت عليه الجنة والنار فقال: إنه نظر إلى أمامه وقال: إني رأيت الجنة والنار في عرض هذا الحائط ممثلتين في عرض هذا الحائط (3)، ففهم من هذا أنه نظر أمامه وكذلك حديث خباب بن الأرت عند البخاري أنه قيل لهم بم كنتم تعرفون قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: باضطراب لحيته(4) وهذا بلا شك لا يكون إلا حين ينظر أمامه والذي يظهر والله أعلم قول الجمهور أما ما ذكر في هذه الأخبار أنها أحوالٌ عارضة لا سنة راتبة. وفرقٌ عند العلماء بين الحال العارضة وبين السنة الراتبة فالسنة الراتبة هو رمي البصر إلى الأرض وأن هذا هو الأقرب إلى الحضور والخشوع في الصلاة وهذا هو الأقرب كما تقدم أن يرمي ببصره إلى الأرض، أما ما جاء في بعض الأخبار النظر أمامه فهذا لأمر عارض مثل ما نظر عليه الصلاة والسلام أمامه لما عرضت عليه الجنة والنار فهذا لأن الجنة والنار عرضت أمامه.ففيه أنه عليه الصلاة والسلام نظر أمامه لما عرضت عليه الجنة والنار وليس فيه أنه كان يستمر في نظره عليه الصلاة والسلام، وكذلك حديث خباب ربما نظروا أيضًا لأجل أن ينقلوا هذا ويعلموا الناس أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في صلاته، كما أنه عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث ابن عباس سهل بن سعد الساعدي صلى على المنبر والناس ينظرون إليه يتعلموا صلاته(5) فكان نظرهم إليه في هذه الحال لا بأس به لأنه حال تعليم ، لكي يرتفع ويراه الناس فكانوا يرونه وهذا نظرٌ خاص في حالةٍ خاصة وهو لأجل أن ينظروا صلاته ثم ركع وهو كذلك ولما أراد السجود نزل عليه الصلاة والسلام وسجد في أصل المنبر، لم يكن موضع المنبر يتسع لسجوده وجلوسه عليه الصلاة والسلام وهذا هو الأقرب ولأنه أقرب إلى خشوعه. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: " لا ينبغي أن يكون في قبلة المصلي شيءٌ يشغله"وهذا قد يستدل به من يقول إنه ينظر أمامه لكن هذا المراد به أن تكون جهة المصلي قبلته سادة وهذا كما في الحديث عند أبي داود أنه قال عليه الصلاة والسلام: " إني نسيت أن آمرك أن تغطي قرني الكبش فإنه ينبغي أن لا يكون في قبلة المصلي شيء يشغله"(6)، المصلي لا يكون في قبلته شيء يشغله وكذلك أيضًا لا ينبغي أن ينشغل عن صلاته وذلك بأن يروي بصره إلى الأرض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)عن ابن سيرين أنه كان يحب أن يضع الرجل بصره حذاء موضع سجوده . مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 163 ). (2) ما رواه ابن حبان ( 4 / 332 ) والحاكم ( 1 / 652 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها " صححه الألباني في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " .
(3) قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ " أخرجه البخاري (7294) ، ومسلم (2359) (136) ، (4) أخرجه البخاري (761) ،
(5)أخرجه البخاري (917) ومسلم(44) (544)، (6) أخرجه أبو داود(2030) وعبد الرزاق في "مصنفه" (9083)، والحميدي في "مسنده" (565)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 46/ 2، وأحمد في "مسنده" (16637).


التعليقات