يقول السائل : رجل دخل المسجد وقد تم الإمام صلاته، فهل له أن يأئتم بمن يصلي سنة راتبة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
رجل دخل المسجد وقد تم الإمام صلاته، فهل له أن يأئتم بمن يصلي سنة راتبة؟ الجواب: لا بأس على الصحيح، وإن كان خالف في هذا من خالف أن يكون الإمام مفترضاً والمأموم متطوعاً أو يصلي سنة راتبة أو نحو ذلك، يعني لا بأس وقد ثبت بذلك الأخبار الصحيحة منها ما ثبت في الصحيحين، من حديث جابر رضي الله عنه في قصة معاذ بن جبل(1)، وفيه أنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام صلاة العشاء، ثم يذهب فيصلي بقومه فهي له فريضة ولهم نافلة وهذا هو الظاهر من الحالة. يبعد أن يقال أنه كان ينوي مع النبي نافلة ويصلي بقومه الفريضة، هذا يبعد لأن مثل هذا لو كان واقع لنقل، إذ لابد أن يكون يسأل عنه في هذا الحكم حتى يتبين الحال، بل الظاهر أن معاذ لا يمكن أن يجعل صلاته مع النبي نفل وصلاته مع القوم فرض، ثم أيضاً جاء في رواية جيدة رواها الطحاوي والدارقطني وعبد الرزاق برواية ابن جريج، وصرح عند عبد الرزاق بالسماع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" هي له تطوع ولهم فريضة"(2) ، ثبت في أخبار عدة أيضاً منها حديث جابر الذي رواه مسلم وهو عند البخاري معلقاً مجزوماً به، في قصة صلاة الخوف وأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بأحد ثلاثة ركعة ثم انصرفوا ثم تأخروا ثم صلوا ركعتين ثم انصرفوا قال فكانت للنبي أربع ركعات ولكل طائفة ركعتان(3)، وهذا ظاهر في أنه سلم عليه الصلاة والسلام وإن لم يكن صريحاً، مع أنه جاء في رواية الحسن عن جابر عند النسائي أنه سلم عليه الصلاة والسلام الركعتين بكل طائفة(4)، وجاء أيضاً رواية الحسن عند أبي بكر وأحمد بن داود النسائي أنه عليه الصلاة والسلام صلى بالطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم(5) فهذا هو الأظهر وهو جواز اقتداء المفترض بالمتنفل لهذه الأدلة، والاختلاف الصحيح الذي استدل فقال لا تختلفوا عليه، الصحيح قال الاختلاف في الأفعال لأنه فسر قال فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا. (6) أما النية فدلت على الجواز لذلك فعلى هذا لا ينبغي أن تضرب الأخبار بعضها على بعض، فالتفسير واضح أن بين الاختلاف عن الإمام في عدم مسابقته، وأن يكون التكبير بعد تكبيره وركوعه بعد ركوعه وهكذا، ثم أيضاً النية واضحة أنه لا اختلاف فيها لأنها أمر باطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه البخاري (705)،(669) ومسلم (291).
(2) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (2360) والدارقطني (1075) والبيهقي (5105).
(3) أخرجه مسلم (843) (311) وعلَقه البخاري مطولاً برقم (4136) .
(4) أخرجه النسائي والنسائي 3/178 و179، و في "الكبرى" (1944).
(5) أخرجه أبو داود (1944) والنسائي 3/178 و179،
(6) أخرجه البخاري (378)، ومسلم (404).