يقول السائل : صلاة التراويح للمرأة، هل في البيت تكون أفضل أم في المسجد؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. قد ثبت بالأدلة الصحيحة للنبي عليه الصلاة والسلام، أن صلاة المرأة في بيتها أفضل مطلقاً، كما قال عليه الصلاة والسلام" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"(1) وفي رواية:" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن"(2)، وثبت هذا المعنى في أخبار عدة عنه عليه الصلاة والسلام، حينما سألته أم حميد، كما عند أحمد" أنها قالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: نعم، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاة في دارك، وصلاة في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي"(3)، قال فبنت لها مسجداً، أو اتخذت مسجداً في أقصى مكان من بيتها، كذلك أيضاّ ثبت بإسناد صحيح من حديث بن مسعود أنه عليه الصلاة و السلام قال: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها(4)، وقال خيراً من صلاتها في بيتها. فهذه الأدلة عامة لجميع أنواع الصلوات، وإذا كانت الصلاة المفروضة في حق المرأة الصلاة المفروضة في البيت أفضل منها في المسجد، فكذلك النافلة لأن النافلة في الأصل أفضل في حق الجميع الرجال والنساء، فالمرأة من باب أولى، أن تكون النافلة أفضل في بيتها من المسجد، وذلك من أنها في حق
الرجال أفضل والمرأة الفريضة أفضل، دل على أن النافلة في البيت في حق المرأة أفضل من باب أولى،، بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن صلاة التراويح في حق
الرجال أفضل في البيت أفضل منها في المسجد، وذهب آخرون إلى أنها أفضل في المسجد. والمسألة خلافية، لكن يكاد قولهم يتفق على المعنى من جهة أنه إذا كان يُحصل خشوع أو يحفظ شيء من القرآن، ولا يضيع المسجد الذي لا يصلي فيه، وفيه مصلحة تتحقق بصلاة بيته فهي أفضل. ووضحها فعل عمر رضي الله عنه حينما خرج وجدهم يصلون أوزاعاً، فجمعهم الرجال على أبي بن كعب، والنساء على تيم الداري أو سليمان بن أبي حثمة رضي الله عنهم،(5) والظاهر أنه فعلاً، لو كان يصليها في بيته رضي الله عنه؛ ولذا لما سمع مرة صوتاً أو هيعته سأل فقيل إن الناس خرجوا من المسجد. وهذا كما رواه محمد بن نصر المروزي عن ابن عباس دل على أنه سمعه وهو في بيته، فقال يعني أن ما يتركون هو أفضل، والصلاة آخر الليل. والشأن من هذا أن صلاة أن إذا كان صلاة الرجال ذهب بعض أهل العلم أنها أفضل؛ ولذا كان يحقق المعنى ولا تفوت صلاة التراويح، معنى أنها لا تذهب الجماعة ولا تتأثر بصلاته هو. فالمرأة من باب أولى، إلا أن المرأة إذا كانت تقول أنها لو صلت في بيتها قد تتكاسل وقد تضعف وقد تنشغل، في هذه الحالة نقول أن الأفضل أن تصلي في المسجد، مع مراعاة الشروط الشرعية في خروجها لأن المقصود هو روح الصلاة ولبها، وهو تحصيل الجماعة أو تحصيل الصلاة. فإذا كانت تفوت أو تتكاسل أو تضعف، فلا شك أن صلاتها في المسجد خير من تركها الصلاة، أو تضعف ولا تصلي في بيتها وتنشغل كما تقدم، نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (900) ، ومسلم (442) (136) ،
(2) أخرجه أبو داود (570) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . ورواه ابن خزيمة (3/92) ، والطبراني في "الكبير" (12/326) ، وهو عند الحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/131) . وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(3) أخرجه أحمد (27090) وابن أبي شيبة 2/384-385، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3379) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (356) ، والبيهقي في "السنن" 3/132-133، وابن حبان (2217) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/446 وابن خزيمة (1689) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/33- 34، وفال: رواه أحمد ورجالُه رجال الصحيح، غير عبد الله بن سُويد الأنصاري، وثقه ابن حبان. قال الحافظ في "الفتح" 2/350: وإسناد أحمد حسن. وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود أخرجه أبو داود برقم (570) بلفظ: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضلُ من صلاتها في بيتها" وإسناده جيد
(4) أخرجه أبو داود (570) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . ورواه ابن خزيمة (3/92) ، والطبراني في "الكبير" (12/326) ، وهو عند الحاكم(1/327) ،والبيهقي(3/131) . وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(5) في المختصر النصيح في تهذيب الجامع الصحيح: (2010) وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ, فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ, ثُمَّ عَزَمَ, فَجَمَعَهُمْ عَلَى أبِي بْنِ كَعْبٍ, ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ, قَالَ عُمَرُ: نِعْمَت الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ, يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ, وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. وأخَرَّجَهُ في: باب تطوع قيام رمضان من كتاب الإيمان (36). وفي مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي (1/217) حَدَّثَنَا يَحْيَى , عَنْ مَالِكٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ» , ثُمَّ عَزَمَ [ص:218] فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ» , يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ .