يقول السائل : عندنا في البلد يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، وتقام الصلاة بعد ربع ساعة، وعند الشروق وعند الخروج من المسجد نجد ظلام، ولا يطلع الفجر إلا بعد نصف ساعة، ما حكم الصلاة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أولًا يصعب أن تحكم بأن الفجر لم يطلع،وهذه المسألة وقع الكلام فيها، وينظر إن كنت أنت بين قوم يستعجلون، تعلم أنهم يؤذنون قبل الفجر فهذا حرام ، هذا لا يجوز، ؛ لأنه يمنع ما أحل ويحل ما حرم الله أليس كذلك؟ الذي يؤذن قبل الفجر يحرم ما أحل الله، ويحل ما حرم الله أليس كذلك؟ لأنه يمنع الناس من الأكل، من تناول الطعام والشراب والفجر لم يطلع. ويوجب عليهم الصلاة قبل طلوع الفجر، يعني صلاة الفجر لا تجوز ولا تصح قبل دخول وقتها بل هي ليس بصلاة، فإذا كان على هذا يعني ما ذكرت هو الواقع فهذا بلاشك لا يجوز، لكن إذا كان الأمر مثل ما يقع في بعض البلاد، يقولون نحن عندنا الفجر متقدم، وربما يدعى هذا الشيء ببعض التقاويم، هذا فيه نظر، ووقع خلاف ولبس من سنوات في هذه البلاد وغيرها، ثم يتبين أن هذا الأمر مبالغ فيه، وأن هذه التقاويم يعني متقاربة، وأن التأخر أو التقدم ربما يكون شيء يسير جدًا قد لا يتحقق منه شئ، وأيضًا الذين وضعوا مثل هذه التقاويم فإنها جهات لها معرفة بالمنازل وكذلك جهات شرعية من جهة معرفة الواقع الشرعي لهذه المواقيت، فلهذا حصل لبس واضطراب، ووقع لبعض الناس أنه يصلي الصلاة مرتين، وواقع لبعض النساء في بيوتهن، والأولى في مثل هذه الأمور ألا تدار ولا يتكلم بها أمام الناس. ثم تبين أن الواقع أيسر مما صور على, وأن التوقيت ليس على ما ذُكر، ثم أيضًا نقول إن من بنى على وقت هو الظاهر في الحال ثم جاء من يقول إن الوقت خلاف ذلك، وهذا يعني أن تبقى على الأصل حتى تنقل عنه بيقين. هو لا يضره في هذه الحال حتى لو فرض أنه بنفس الأمر وكانت الصلاة خارج الوقت فإنه اجتهد، ولا يضره إن شاء الله؛ لأنه أيضًا على قول صحيح لو أن إنسان صلى الفجر قبل وقته، وأنت سامع مثلًا ثم صلاها في السنة الثانية في نفس الوقت، سنة كاملة، فإنك في الحقيقة حينما تصلي الصلاة في خارج وقتها، ثم تصلي الصلاة الثانية خارج وقتها، فإن هذه الصلاة تعتبر قضاء لتلك الصلاة، والصلاة القضاء تصلي خارج الوقت، تصلى متى ما تذكرتها، «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها»(1)، لو أن إنسان عليه صلوات كثيرة يصليها في أي وقت، ولهذا نص الشافعي على أنه لو تقدم مدة طويلة مثلًا لصلاة الفجر أو صلاة الظهر وصلى سنة قبل الوقت؛ فإنه لا يقضي إلا صلاة واحدة، الصلاة الأولى، وما بعدها من الصلاة الثانية تكون قضاء للتي قبلها، والثالثة تكون قضاء للثانية، والثالثة للرابعة وهكذا، وعلى هذا لا يلزمه إلا قضاء صلاة واحدة، وهذا قول لو فرض أنه صحيح؛ فإنه مخرج جيد، ويراعى الخلاف في مثل هذه المسائل عند حلول النازلة، وحلول النوازل يكون عند وجود المشقة والضرورة، فكيف إذا كان الأمر ليس ببين ولا ظاهر في مثل هذه المسائل، لكن ما ذكر السائل عليه أن يحتاط وينظر أن الأمر كما ذكر، وأن هؤلاء يتقدمون للصلاة خارج الوقت فإن هذا لا يجوز، ولا تصح الصلاة، وهل تقع نفل أو لا؟ هذا موضع خلاف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (680) (309)، والترمذي (3434)، والنسائي في "المجتبى" (618 - 619)، وابن ماجه (697).