هذا سؤال عن وصل الوتر, حينما يريد إنسان أن يصلي الوتر من آخر الليل , فإذا وصل الإمام الوتر بالشفع وكان يصلي معه هل ينقض وتره أو لا ينقضُ وتره؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
نقول أنه يصلي معه الوتر هذا أحسن, صلي معه حتى ينصرف ولا حاجة إلى نقض الوتر, نقض الوتر هذا قاله بعض العلماء, لكن جمهور العلماء على أنه لا يشرع نقض الوتر, جمهور العلماء وجمهور الصحابة قول أبو بكر وعمّار وعائشة أن نقض الوتر لا يُشرع, وجاء عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم, أما عن ابن عمر قد صح نقض الوتر ففي الموطأ وغيره أنه يقول بنقض الوتر, وكان ابن عمر رضي الله عنهما كما في الموطأ يسير في البرية فحصل غيمٌ فخشي أن يطلع الفجر, فصلى الوتر, خشية أن يطلع الفجر, ثم تبين أن الفجر باقٍ, فلما صلى ركعةً أُخرى بعد ما سلّم من تلك وبعد ما وصلها صلى يريد ماذا؟ أن يشفع به الركعة التي صلاها قبل ذلك, ثُم صلى شفعًا, ثم أوتر, يكون كم صلى للوتر؟ أوتر مرتان ثم شفع بركعة ثم أوتر, حتى لما بلغ عائشة رضي الله عنها ذلك أولئك قومٌ يتباعدون في الصلاة, ولذا ذهب أكثر الصحابة أنه لا ينقض الوتر , ونقل عن بعض الصحابة أنه لا بأس, ولكن جمهور العلماء ذهب إلى أنه لا يُنقض وهذا هو الصواب؛ لأنه لا دليل على هذا, لأنه لا يضر لقول النبي عليه الصلاة والسلام "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا".(1).
حينما تصلي من أول الليل فتريد أن تصلي بعد ذلك لا يضر إذا استيقظت فصلي, ولا تدخل بالنهي الوارد في حديث"لا وتران في ليلة" لأن هذا عن صلاة واحدة, والصلاة الواحدة أن تُصلي من أول الليل فصليت الوتر, نقول في هذه الحالة الأحسن أنك لا تصلي بعد الوتر, وإن صليت فلا بأس, لكن حينما تصلي من أول الليل وتصلي في آخر الليل هذه صلاة منفصلة ليست متصلة.مع أنه ورد في الحديث في صحيح مسلم: أنه عليه الصلاة والسلام صلى بعد الوتر ركعتين"(2) بيان الجواز, وأنهُ لا بأس بذلك, ثم أن نقض الوتر لا دليل عليها, وراوي الحديث الذي روى حديث لا وتران في ليلة, يقول عليه الصلاة والسلام: "لا وتران في ليلة"(3) , فراوي الحديث نفسه فسر هذا وبينه, والحديث ظاهر وإذا كان محتمل فسره الراوي فيقول قيس جاءنا علي ابن أبي طالب في أيام رمضان فصلى بنا وأوتر بنا, ثم انحدر إلى قومه فلما وصل إلى قومه صلى بهم, فلما أراد صلاة الوتر قال لأحدهم تقدّم, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا وتران في ليلة".فهذا واضح وبيّن أنه صلى الوتر ثم صلى بعد الوتر, ولا ينقض وتره وهو راوي الحديث, وهو أولى الناس بمعرفة هذا الحديث في معناه وظاهره وتفسير ظاهره, وخاصة أن هو الصحابي وهو الذي حضر النبي عليه الصلاة والسلام وعلي شانه فكان قوله مقدم على قول غيره.ثم أيضًا هل يُقال أن تلك الركعة التي بعد ما حدث يمكن أن يُقال أنها تلك الركعة، هذا لا يمكن هذا من البعيد, من البعيد أن يُقال أن هذه الركعة التي وقعت ركعة قد سُلم منها سلام وفُرغ منها, ثم حصل بعد ذلك نومٌ وتراخٍ, فهذا مثل ما فعل ابن عبد البر رحمه الله يبعد هذا أن تتصل بها وأن هذا لا يصح في القياس ولا في النظر, تقول تتصل صلاته بصلاة قد بُلِغ منها وتراخى وحصل نوم وقد كتبها الملكُ وترًا يقول رحمه الله, يقول كتبها الملك وتر, وإذا صليت شفع كُتبت وترًا, فلا يكتبها الملائكة فهذا لا شك عين القياس والنظر ولهذا كان الصواب هو ما تقدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا ".
أخرجه البخاري (998) ، ومسلم (751) (151) ،
(2)أخرجه مسلم (998) ،
(3) أخرجه أبو داود (1439) ، والترمذي (470) ، والنسائي في "المجتبى" 3/229- 230، وفي "الكبرى" (1388) ، وابن خزيمة (1101) ، وابن حبان (2449) ، والبيهقي في "السنن" 3/36، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" 2/481.