مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

السؤال: ما حكم صلاة القاعد إذا كان مرضه ليس شديدًا؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; يقول النبي –عليه الصلاة والسلام-: «صلي قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا»، (1)  والعلماء فسروا هذا الخبر بالمراد: (إذا شق عليك ذلك) وهذا جاء في الرواية عند الدارقطني، وهو ظاهرٌ من الأخبار، ويفسر حديث عمران –رضي الله عنه- فعله -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيحين من حديث أنس أنه –عليه الصلاة والسلام- سقط عن فرائسه فجحش شِقه، وخدش شِقه فصلى دخل عليه أصحابه فصلى بهم قاعدًا -عليه الصلاة والسلام-.(2) خ(689) م(411) فكما قال العلماء: أنه خدش أو جرح، ولو أراد أن يقوم الظاهر أنه يستطيع لكن مع مشقة فهذا يبين أن المراد إذا لم تستطع المعنى مع قيام مع المشقة مثل {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] ربما يكون الإنسان يشق عليه الحج لكن لو تكلف قد يحج مع وقوع الضرر عليه فلا يكون الحج عليه واجب لعدم استطاعته، وهذه هي الاستطاعة الشرعية هي الممكنة والقدرة، الاستطاعة في هذا هو هذا
ليس المعنى أنه انعدام القدرة تمامًا هذا لا الأصل غير مخاطب بها؛ لأن الأصل لم يتوجه له الخطاب؛ لأنه أصلًا لا ليس قادرًا على شيء. إنما توجه الخطاب لمن كان قادرًا لكن مقدرته تكون فيها مشقة يترتب عليه ضرر.قال العلماء: إن الضرر الذي يحصل بالمرض إما أن يتأخر المرءُ أو يزداد المرض أو يكون معه مشقة شديدة عند قيامه، واختلفوا في تقديرها:  من أهل العلم من قال: إذا كان لا يستطيع القيام في أموره الدنيوية. يعني إنسان صاحب تجارة، ويذهب لكن لما نزل المرض ما استطاع ما يستطيع يقوم ليذهب أو لو ذهب لتضرر فترك عمله في الأمور الدنيوية؛ لمشقته عليه. فقالوا: "من لم يستطع القيام في الأمور الدنيوية فإنه يجوز أن يصلي قاعدًا"، وهذا هو قول ميمون بن مهران –رحمه الله- كما روى عبد الرزاق عن امرأة عمر بن ميمون، عن أبيه أنه سئل عن ذلك فقال: "إذا لم يستطع أن يسعى في أموره في دنياه، فإن كان يذهب في أمور دنياه فإنه يقوم في صلاته". وذهب بعض أهل العلم من الشفاعية كـ (الجويني) إلى أنه "إذا كان يذهب الخشوع في صلاته فإنه لا يصلي جالسًا"، وهذا في الحقيقة فيه نظر كله؛ لأن حتى مسألة الأمور الدنيوية ربما بعض الناس يشق عليه القيام في الصلاة لكن لشدة محبته للدنيا قد يتحمل الضرر فيقوم، والله -سبحانه وتعالى- ما كلف هذا في أمور الدنيا، والله غنيٌ عن هذه التكلفة التي يضر بها نفسه لكن ربما لشدة محبته في الدنيا لا يبالي فيقوم، وإن حصل عليه ضرر وهذا ربما مشاهد، والأظهر والله أعلم أن كل إنسانٍ هو أبصر بنفسه في مثل هذا. مثل ما نقول في من أراد أن يصوم رمضان وهو مريض: فهو أعلم إن كان مرضه يسير مثل أدنى صداع أدنى وجع ضرس ونحو ذلك هذا ما يمنع لا من الصيام، ولا من الصلاة، وكذلك هناك حمى يسيرة جدًا. أما إذا كان المرض كان أشد، وكان يقوم مع مشقة شديدة فكما تقدم أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى جالسًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه البخاري (1050). (2)أخرجه البخاري (689). و مسلم (411).


التعليقات