السؤال: إذا أدركت الإمام في الركعة الثانية، فهل أقرأ دعاء الاستفتاح؟
الإجابة: هذه المسألة مبنية على مسألة أخرى، وهو ما يدركه المأموم هل هو أول الصلاة أم آخر الصلاة؟ إن قلنا : إنما يدركه المأموم هو آخر الصلاة، فعليه أن يتابع الإمام ؛ لأنه سوف يقضي أول صلاته بعدما يسلم الإمام، وإن قيل: أنما يدركه أول صلاته في هذه الحالة يقرأ دعاء الاستفتاح، وهذا هو الصحيح لقوله-عليه الصلاة والسلام-: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموه».(1) وجاء عند مسلم: "واقض ما سبق"،(2) اقض ما سبق هذه رواية لعلها روية بالمعنى، وإن كانت محفوظةً فالمعنى بالقضاء التمهل، {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}[فصلت:12]؛ أي أتمهن، فهي محمولة بمعنى رواية الصحيحين، فهذا هو الصواب أن كما تدركه ما يدرك المسبوق هو أول صلاته، وعلى هذا يكون المدرك للإمام أحوال:
تارة يُدركه حال القيام ، فإذا أدركه حال القيام فإنك تقرأ الاستفتاح ثم تقرأ الفاتحة، ثم تكمل صلاتك معه. وإذا جئت والإمام قائم ثم لما كبرت ركع فأنت تركع ولا تقرأ شيئًا؛ لأنه فات موضع القراءة، دعاء الاستفتاح، وكذلك قراءة الفاتحة.ولو جئت والإمام قائم، فكبرت وغلب على ظنك أنك لو قرأت الاستفتاح فإنك لا تقرأ الفاتحة. هل تقرأ الفاتحة أو تقرأ دعاءالاستفتاح؟ هذا فيه خلاف. من أهل العلم من قال: تقرأ الفاتحة، ولا تقرأ دعاء الاستفتاح؛ لأن دعاء الاستفتاح مستحب وأما الفاتحة واجبة، وإذا اجتمع الواجب والمستحب في هذا يقدم الواجب لتقديم أعلى المصالح. ومن أهل العلم من قال: لا تقرأ الاستفتاح؛ لأن الاستفتاح من أهل العلم من قال: إنه واجب، ومنهم من قال إنه ركن، والفاتحة من أهل العلم من قال أنها لا تجب خلف الإمام، وهذا هو الأظهر والله أعلم؛ لأن الإنسان مأمورٌ حينما يدخل في الصلاة أن يبدأ بالصلاة على ترتيبها المشروع، فأنت في هذا تقرأ دعاء الاستفتاح هذا الأقرب والله أعلم، ولو لم تدرك قراءة الفاتحة.
مثل ما لو جاء الإنسان والإمام يخطب يوم الجمعة، والمؤذن يؤذن وبعدها سوف يخطب الإمام،. هل نقول في هذه الحالة أنك تصلي ركعتين والمؤذن يؤذن حتى إذا فرغت منها تدرك الخطبة من أولها بمعنى أنك تشغل وقت الأذان بالصلاة (بصلاة التحية)، وتسمع الخطبة من أولها؟
على القول بأن سماع الأذان مستحب، وسماع الخطبة لازم، وحضور الخطبة أو نقول: أنك تسمع الأذان، وتجيبه وتدعو ثم تصلي الركعتين ولو وقعت الصلاة وقت الخطبة وهذا أظهر؛ لأن بعض أهل العلم قال: بوجوب إجابة المؤذن وهو قول الأحناف، قول بالوجوب قوي، ثم أيضًا كونك تصلي والإمام يخطب لا يُضر ولا منافاة؛ لأنه لا تنافي بين كونك تصلي وتسمع وهذا مستثنى، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر الداخل أن يصلي ركعتين وأن يخطب مع أن جمهور العلماء يقولون: إن تحية المسجد سُنة، منه من حكى الإجماع، وإن كان ليس بإجماع لكن يقولون إن التحية سُنة ومع ذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- أمر الداخل أن يُصلي ركعتين ولو كان لم يخطب، لكن يتجوز فيهما؛ ولهذا نقول لمن دخل والمؤذن يؤذن: فإنك تسمع المؤذن وتدعو بما تيسر ثم بعد ذلك تصلي ركعتين لكن تتجوز فيهما كما قال عليه الصلاة والسلام.
وصورةٌ أخرى: لو جئت والإمام في غير حال القيام. في هذه الحالة لو جئت والإمام راكع أو الإمام ساجد في حالة سجود، في هذه الحال نقول: أنك لا تقرأ فقط بل تكبر ثم تلحق معه الركوع، تلحق معه السجود مثل ما تقدم؛ لأنه فات موضعه، فإذا قمت معه فالأظهر والله أعلم أنك لا تقول دعاء الاستفتاح؛ لأنه فات موضعه؛ لأن موضعه بعد تكبيره إحرام، وأنت كبرت للإحرام والإمام على حال، وإذا جئت والإمام على حال فإنك تصنع كما يصنع، ثم تتابعه. فعلى هذا يُقرأ دعاء الاستفتاح على السورة المتقدمة و هي إذا جئت والإمام قائم وأمكنك أن تقرأ، فإذا أمكنك أن تقرأ الفاتحة وما تيسر فهذا أيضًا مشروع.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (908).
(2)أخرجه مسلم 154 - (602).