مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

كيف أنسحب من تحية المسجد عند إقامة الصلاة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; إذا أقيمت الصلاة وأنت في الصلاة فاختلف العلماء. هل تخرج منها وتبطل؟ لقوله: «فلا صلاة» «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»(1) عند مسلم، وعند أحمد «إلا التي أقيمت»(2) فقالوا: (لا صلاة) هذا نفي، وهذا يبين أن لا صلاة، وعمومه سواءٌ كُنت في أول الصلاة أو في وسطها أو في آخره. منهم من فرق فقال: إذا كنت في آخر الصلاة بعد الركعة الثانية كما لو صليت ركعتين فلا بأس أن تكملها؛ لأن النبي قال: «لا صلاة» وأنت الآن لا تصلي صلاةً إنما تكمل الركعة؛ لأنك إذا رفعت في الركوع لم يبقى إلا السجود وهو تمام صلاتك. وجاء ما يدل من الأخبار ما يدل على أنه إذا أذن إذا أقيمت الصلاة وأنت في صلاة جاء ما يدل على أنها لا تبطل، وهذا لعله يفسر هذا الخبر وهو ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى من يصلي قبل الفجر ركعتين فقال: «آه الصبح أربعًا آه الصبح أربعًا»(3)؛ يعني تصلي الصبح أربعًا، ولم يأمره –عليه الصلاة والسلام- بالخروج من الصلاة.كذلك رواه مسلم من حديث عبد الله بن سرجس أنه رآه يصلي ركعتين، وقد أقيمت الصلاة فقال له بعدما فرغ: هل اعتددت أو قال: لا أدري هل اعتددت بصلاتك معنا أو بالركعتين اللتين صليتهما؟(4) ولم يأمره عليه الصلاة والسلام بالخروج منها أو نحو ذلك.وقوله: «إذا أقيمت الصلاة» أيضًا هل المعنى إذا شرع فيها؟ إذا شرع في الإقامة هل المعنى هذا «إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»؟ هنا المعنى إذا شرع المؤذن المعنى أنه: إذا أقيمت الصلاة فمن لم يكن شارعًا بدأ في صلاة فإنه لا يجوز وهذا واضح، وقيل إنه (فلا صلاة): يشمل ما إذا كنت يعني صليت قبل أو صليت قبل الإقامة أو بعد الإقامة، والأظهر والله أعلم أن قوله: «إذا أُقيمت الصلاة» وفي رواية:" إذا أخذ المؤذن في الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة"(5). هذه الرواية جاءت عند ابن حِبّان –رحمه الله- وهي من رواية صالح بن رستم وأبو عامر المزني، وهو متكلمٌ فيه، وجود هذا الخبر أو قواه المحقق على صحيح ابن حِبّان لكن هذا فيه نظر في الحقيقة؛ لأن هذه الرواية زيادة في المعنى، وينبغي النظر في الروايات حينما تكون رواية الصحيحة من الصحيح منها في صحيح مسلم ثم تأتي رواية يكون لها معنىٍ "إذا أخذ المؤذن في الإقامة فلا صلاةٍ إلا التي أٌقيمت"، ويمكن أن توجه أيضًا هذه الرواية المعنى أو تقول موافق قد يقال أنها موافقة أيضًا والله أعلم وإن قوله: «وإذا أقيمت»؛ يعني إذا أراد الإقامة إذا فسر هذا على هذا فلا بأس، وهذا يأتي كثيرًا مثل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ}[النحل:98]، يعني إذا أردت أن قرأت القرآن، مثل قوله بن أنس –رضي الله عنه- كان إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث). (6) فهذا على هذا التوجيه تكون الرواية لا بأس بها فإذا أخذ المؤذن معنى أنه لا يجوز الدخول بعد الأخذ في الإقامة. وجاء في رواية أخرى عند أحمد والطيالسي من حديث ابن عباس" أنه صلى فأخذ النبي بثوبه"(7). وفي حديث أحمد: عن ابن عباس" أن رجلٌ صلى فأخذ النبي بثوبه"، وهذه الرواية أيضًا في سندها ضعف، ولو ثبت ليس فيها دلالة على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني سحبه من صلاته أو أمره إنما أخذ بثوبه من باب التنبيه مع ما في سندها من الضعف. ولهذا الواجب أو المشروع في حق من أقيمت الصلاة وهو يصلي الأظهر والله أعلم أنه إن كان في آخر الصلاة فإنه يتمها، وإن كان في أولها فإنه ينصرف، وكذلك إذا كان في الركعة الثانية قبل الرفع من الركوع الثاني هذا أقرب الأقوال في هذه المسألة.
وفي باب النهى عن وصل المكتوبة بالتطوع عن معاوية بن أبي سفيان عند مسلم (883) أنه رأى السائبَ ابن أخت نَمِر قام بعد تسليم الإمام من الجمعة فصلّى، فأرسل إليه فقال: لا تعُد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تَصِلها بصلاة حتى تكَلَّم أو تخرج، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أمرنا بذلك: أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه مسلم (710) (63). (2) أخرجه أحمد (8608). (3)أخرجه البخاري رقم (663) ومسلم رقم (711). (4) مسلم (712). (5) أخرجه ابن حبان في صحيحه (2190). (6)أخرجه البخاري (142) ومسلم رقم ( 375). (7) أخرجه عبد الرزاق (3973) ، وأحمد (23121)، وأبو يعلى (7166) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن الأزرق بن قيس، عن عبد الله ابن رباح، عن رجل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى العصر، فقام رجل يصلى فرآه عمر، فقال له: اجلس، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أحسنَ ابنُ الخطاب"- هذا لفظ أحمد-وإسناده صحيح.


التعليقات