ما حد عورة المرأة التي تكشفه ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
المرأة كلها عورة ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي[1]، والمرأة من جهة الرجل كلها عورة فيما يتعلق بالرجل الأجنبي كلها عورة، ولها عورة تتعلق بقرابتها من الأرحام فهذه أيضاً عورة خاصة، وهي ما يظهر غالباً (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ، ولَا أَبْنَائِهِنَّ، ولَا إِخْوَانِهِنَّ، ولَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ، ولَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ، ولَا نِسَائِهِنَّ، ولَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ)[2]، وهل هذه العورة للأرحام، وكذلك لغير الأرحام مثلاً من النساء، يعني عورة المرأة بالنسبة للمرأة، وهذا أيضاً مما جرى فيه خلاف أيضاً، عورة المرأة بالنسبة للمرأة، فجمهور العلماء يرون أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة إلى الركبة كالرجل بالنسبة للرجل، وهو قول كثير من أهل العلم[3].
والقول الثاني: أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي عورتها بالنسبة للمحارم؛ لأن الله - سبحانه، وتعالى - جعل تكشف المرأة للنساء مثل ما تكشف لمحارمها، وهذا هو الأقرب، خلافاً للجمهور الذين قالوا إن المرأة بالنسبة للمرأة تكشف ما بين السرة إلى الركبة؛ لأنها للمجانسة، وعدم الشهوة غالباً وذكروا أمراً في الحقيقة ضعيف، قالوا : للمجانسة لأنها أنثى، وأنثى، وعدم الشهوة غالباً، وهذا أمر لا يكفي، والله - عز وجل - قال : " نِسَائِهِنَّ " فأجرى النساء من ضمن المحارم ، (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ، ولَا أَبْنَائِهِنَّ، ولَا إِخْوَانِهِنَّ، ولَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ، ولَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ، ولَا نِسَائِهِنَّ، ولَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ)[4]، فجعل النساء أيضاً من ضمن المحارم ، فكما أن المرأة لا تكشف للمحارم إلا ما يظهر غالباً، (، ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )[5]، والمراد مواضع الزينة الظاهرة، وكذلك ما يظهر من غالب المرأة حينما تكشف في بيتها، وهو الشعر، والرأس، والوجه، واليدين، وأطراف القدمين، وأطراف الساقين، وكذلك اليدان الذي يبدو من غالب المرأة حينما تكون في بيتها، وهذا هو الأقرب، وهو ظاهر القرآن، وهذا الحقيقة من الغرائب قول جمهور الفقهاء حيث جعلوا عورة المرأة للمرأة كعورة الرجل للرجل، هذا فيه نظر.
عورة المرأة مبنية على التشديد، والتغليظ بخلاف الرجل، ونعلم أن المرأة يجب عليها الحجاب، والرجل لا يتحجب، والمرأة أيضاً كلها عورة، الحديث، واضح، وصريح. أيضاً النبي - عليه الصلاة، والسلام - في حديث أسامة بن زيد قال : كَساني رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ، وسلَّمَ - قبطيَّةً كَثيفةً ممَّا أَهْداها لهُ دِحيةُ الكلبيُّ، فَكَسوتُها امرأتي فقالَ: " ما لَكَ لم تَلبسِ القبطيَّةَ " قلتُ: كسوتُها امرَأَتي. فقالَ: " مُرها فلتَجعَل تحتَها غلالةً، فإنِّي أخافُ أن تَصفَ حَجم عظامَها" [6]، ولم يأمر أسامة، وإنما أمر زوجه، وكذلك المرأة في الصلاة عورتها في الصلاة كما في حديث أم سلمة أنَّها سألتْ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ، وسلَّمَ - أتصلِّي المرأةُ في درعٍ، وخِمارٍ ليسَ عليها إزارٌ ؟ قال : " إذا كان الدِّرْعُ سابغًا يُغَطِّي ظهورَ قَدَمَيْهَا " [7]،يعني المرأة في الصلاة لا يكفي أن تستر عورتها، لا ، لابد أن يكون عليها رداء ساتر، يعني لا تصلي في البنطال ، (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )[8]،عند كل صلاة فزينة الرجل في الثوب يعني هنالك زينة للصلاة غير مسألة ستر العورة، فالمرأة عورتها أشد؛ولهذا قال: " إذا كان الدِّرْعُ سابغًا يُغَطِّي ظهورَ قَدَمَيْهَا " يعني عليها لباس، وعليها شيء سابغ يغطيها لا يصف الحجم فيبين أمر التشديد في عورة المرأة، ولم يعرف أن النساء كن يتكشفن، ويظهرن أعلي أجسامهن ما فوق السرة فهذا لا يعرف، ولا يكاد يعرف، بل المعروف عن نساء النبي - عليه الصلاة، والسلام - هو التستر بل لا يكاد أن يعرفن من شدة تسترهن - رضي الله عنهن - فهذا أمر، واضح بين، فالصواب هو القول الثاني في هذه المسألة، وهو ظاهر القرآن، وظاهر الأدلة ، نعم.