• تاريخ النشر : 24/05/2016
  • 1151
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

هل يجوز جعل سطح المسجد سكناً للإمام أو لغيره ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; المسجد له أحوال ، إذا بُني المسجد، وجُعل، وقفاً فالأصل أن هواءه تابع لقراره[1] هذا هو الأصل، والقاعدة أنه لا يجوز أن يبنى عليه شيء هذا هو الأصل، والقاعدة في كل شيء أن هواءه تابع لقراره[2]. فهواء الملك تابع للملك مملوك، وهواء الوقف تابع للوقف مملوك، وهكذا كل هواء تابع للقرار.، وهذه القاعدة العلماء رحمة الله عليهم لم يجروها تماماً بل أدخلوا عليها استثناءات لكن هذا هو الأصل، والقاعدة في هذا الباب.  وعلى هذا نقول: حرمة المسجد باقية، وإذا كان الوقف له حرمة، ولا يعتدى عليها، وكذلك سائر الأملاك لا يتعدى عليها فكذلك المسجد، لكن مع ذلك هذا الوقف، وهذا الهواء ليس معنى ذلك أنه لا يشغل، لا بل الهواء الآن مثلاً يعني هواء المسجد هواء الوقف، هواء البيت ربما إنسان يمر بهواء في الطائرات الآن، ونحو ذلك، ومع ذلك لا أحد يمنع من ذلك؛ لأنه لا يمكن المنع منه، ولا ضرر في مثل هذه الحالة، لكن الشأن في الشيء المتصل بسطح المسجد، فهذا الأصل المنع، ويظهر.  والله أعلم أنه عند الحاجة فلا بأس من ذلك، وخاصة إذا كان المقصود هو بناء المسجد، وأن يكون هذا مكان يصلى فيه حتى يحيا بالعبادة، حتى لو المقصود هو إحياء البقعة بالعبادة فإذا كان هذا المكان احتاج إلى أن يبنى لمصلحة المسجد، وأنه لا تتم مصلحة المسجد، ولا عمارته بالصلاة، والعبادة إلا بأن يستغل سطحه ، مثل أن يكون هذا المكان المسجد لا يؤم فيه، وليس حوله بناء، ولا يمكن أن يكون إلا في سطح لضيق، ولم نجد من يلتزم به، واحتاجنا إلى بناء في سطح المسجد لإمام يكون راتباً قائماً على المسجد، وإلا فإنه ربما يهمل، ولا يصلى فيه، ولا يحصل المقصود في هذه الحالة لا بأس؛ لأن هذا في الحقيقة أشبه ما يكون بالضرورة للمسجد؛، ولأنه يفوت المقصود من بناء المسجد، وربما يهجر، ويترك، ولا يصلى فيه، فالبناء عليه لأجل المقصد الذي بني المسجد من أجله.  ومن ذلك أيضاً لو أن إنسانًا أراد أن يبني مكاناً ما مسجدًا، يقول : عندي بقعة أرض أريد أن أجعلها مسجدًا لكني أحتاج إلى سطح هذه الأرض، أريد أن أبني فيها بيتاً، ونحن محتاجون إلى هذا المكان، في بعض الأمكنة قد يحتاج إلى بناء مسجد، ولا نجد إلا هذه الأرض، وصاحبها يقول: أنا ليس عندي مكان إلا هذه الأرض، وأريد أن أسكن فيه، فاحتاجنا إلى هذه الأرض فبني المسجد، واشترط صاحبها في أول بنائه قبل أن يوقف أن يبنى له بيت فنقول لا بأس في هذه الحال؛ لأنه شرط حال الوقف، بخلاف الصورة الأولى فإنه، وقف، ثم بعد ذلك احتيج فلابد أن يكون موضع ضرورة.  أما الحالة الثانية فهذه، وإن لم تكن موضع ضرورة لكن لأنه طلب ذلك فلا بأس، ولا مانع منه، من باب أولى لو كان شرط أن يكون في أسفل المسجد هذا أسهل، وأيسر لأنه يكون في سفل المسجد، وهذا قاله جمع من أهل العلم كأبي يوسف، وجماعة من أهل العلم، قالوا : لا بأس بذلك ، ومنهم من منع مطلقاً أن يكون أسفله داراً أو أعلاه دار، ومنهم من جوز أن يكون أسفله دون أعلاه، ومنهم من جوز هذا وهذا[3].  لكن الأظهر، والله أعلم أنه عند الحاجة، ومن باب أولى عند الضرورة فلا بأس بذلك[4]، والنبي - عليه الصلاة، والسلام - قال :" مَنْ بنَى للهِ مسجدًا ، ولَوْ كمِفْحَصِ قِطَاةٍ أوْ أصغَرَ ، بَنَى اللهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ " [5]، الحديث في الصحيحين بغير هذا اللفظ: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة "[6].، وفي روايةٍ: "بنى اللهُ له بيتًا في الجنةِ "[7]  ، لكن هذا اللفظ عند البزار(4017)، وابن حبان 1610 بإسناد جيد من حديث أبي ذر - رضي الله عنه [8] ، وفي هذا حثٌّ على بناء المساجد، وعمارة الأماكن التي ليست فيها مسجد حتى تعمر بالذكر، والتوحيد فإذا لم يتيسر إلا بهذا فلا بأس، ولا دليل على المنع من هذا خلافاً لابن حزم - رحمه الله - لأنه شدد في هذا تشديداً، وقال : لا يجوز أن يكون أسفله مطلقاً، ولا أعلاه مطلقاً سواء كان سابقاً أو لاحقاً، وقوله فيه نظر كما تقدم . نعم . 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ([1] ) انظر كشاف القناع للبهوتي 1/107- 108 ط/ دار الكتب العلمية. والفروق للقرافي 4/15 . وفي المنثور 3/315 بلفظ: " هواء المسجد مسجد ". مواهب الجليل للحطاب 6/15 ولفظه " لأن حرمة سطحه كحرمته". بدائع الصنائع للكاساني 1/145 ط/ دار الكتب العلمية.  ولفظه"سطح المسجد تبَعٌ للمسجدِ". ([2] ) انظر المغني لابن قدامة 4/315 . ووردت في التجريد للقدوري6/2960 بلفظ: " من ملك القرار ملك الهواء" . ([3] ) انظر : الهداية شرح البداية 1/65 ، البحر الرائق 2/36 ، حاشية ابن عابدين 1/656 ، الفروع 5/362 ،الإنصاف 3/372،   منح الجليل شرح مختصر خليل 7/493 . ([4] ) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء  الفتوى رقم (1569) والفتوى رقم (3505). (5) أخرجه ابن ماجه (738)  وابن خزيمة (1292). ([6] ) أخرجه البخاري  (450) واللفظ له، ومسلم  (533). (7) أخرجه  البخاري (450) ، ومسلم (533) . (8) عند البزار(4017)، وابن حبان (1610).


التعليقات