• تاريخ النشر : 16/08/2016
  • 216
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1436
السؤال :

يقول السائل : إمامٌ في مسجدنا في حينا حالق اللحية وهو مسرع في الصلاة حتى أنه يخل في بعض الواجبات هل يجوز الصلاة خلفه؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; حالق اللحية تصح الصلاة خلفه على الصحيح، وبعضهم يقول: لا تصح خلفه، لكن الصحيح أنها تصح للأدلة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام  كما روى البخاري «يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم»(1)، ولأحمد «يصلون بكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم»(2) وكذلك في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود لما ذكر الأمراء داخل الصلاة قال: صلوا معهم، قال: إذا دخلت الصلاة تصلوها ثم صلوا معهم،(3) فأمر بالصلاة معهم، وإن كانوا على هذا الوصف. وصلى الصحابة رضي الله عنهم خلف بعض الولاة ممن فيه فسق كالحجاج صلى خلفه ابن عمر، وابن مسعود صلى خلف الوليد(4)، وكذلك صلوا خلفه ابن زياد، ابن زياد صلى وهم متوافرون ومجتمعون ثم القاعدة عند أهل العلم دل وهي كقاعدة دل عليها الشرع: (أن ما صحة صلاته لنفسه صحة صلاته لغيره) لما تقدم فأخذوا هذه القاعدة بالأدلة المتقدمة أنهم يصلون خلفه هذا إذا كان لا يمكن الصلاة خلف غيره أو الصلاة خلف غيره فيه ضرر مثل إن هذا الإنسان إمام، ولا يمكن إقالته، ولا يمكن شكايته أو لو شُكي فيحصل شر في هذه الحال ما فيه مانع أنك تصلى خلفه، وإن أمكن هجره، وترك المكان الذي فيه حتى يترك المسجد هو. فهذا من باب أو سبب من أسباب ترك الإمامة في هذا المسجد هذه مبنية على المصلحة والمفسدة؛ ولهذا أظهر النبي –عليه الصلاة والسلام- بالصلاة خلف المولاة، وإن كانوا على أوصاف محرمة من جهة تأخير الصلاة بما في ترك الجماعة من الشقاء، والنزاع، وسوء الطن بين المسلمين أن عامة الناس يقول: ما نعرف إلا مثل هذا فإن أمكان تولية غيره كان هو الأولى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (694). (2) أخرجه أحمد (8663). (3) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُمْ، فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ [ص:86] فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ، وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً»  أخرجه مسلم (534) (26) ، (4) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – " وأما الأمراء الذين كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتالهم , فإن قيل: إنهم كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت فلا كلام , وإن قيل - وهو الصحيح - إنهم كانوا يفوتونها فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بالصلاة في الوقت ، وقال: اجعلوا صلاتكم معهم نافلة ونهى عن قتالهم كما نهى عن قتال الأئمة إذ استأثروا وظلموا الناس حقوقهم واعتدوا عليهم" . انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/61(؟ وفي "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (2/308): " ظاهر الحديث إخراج الصلاة وتأخيرها عن جميع وقتها، وعليه حمله النسائي.  وقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، فينبغي أن يحمل هذا الحديث على الواقع ، قال الحافظ في " فتح الباري " (2/14) : " قد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة " انتهى . وجاء في "فتح الباري" لابن رجب (4 / 183) : " وقد كان الصحابة يأمرون بذلك ويفعلونه عند ظهور تأخير بني أمية للصلاة عن أوقاتها ، وكذلك أعيان التابعين ومن بعدهم من أئمة العلماء ..... وقد روى الشافعي بإسناده عن ابن عمر أنه أنكر على الحجاج إسفاره بالفجر، وصلى معه يومئذ. وقد قال النخعي: كان ابن مسعود يصلي مع الأمراء في زمن عثمان وهم يؤخرون بعض التأخير، ويرى أنهم يتحملون ذلك . وإنما كان يفعل ذلك في أيام إمارة الوليد بن عقبة على الكوفة في زمن عثمان ، فإنه كان أحيانا يؤخر الصلاة عن أول وقتها " انتهى


التعليقات