• تاريخ النشر : 10/06/2016
  • 258
مصدر الفتوى :
4705
السؤال :

1

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; نعلم أن السجود لا يشرع إلا في أحوال، أن يكون في سجود الصلاة هذا لا إشكال فيه وهو محل إجماع، أن يكون خارج الصلاة فهذا في موضعين، في سجود التلاوة وسجود الشكر، ودلت الأدلة على مشروعية هذين الأمرين. أما النوع الثالث وهو أن يسجد في غير هذه المواضع فظاهر كلام أهل العلم أن هذا لا يشرع، لأن السجود عبادة، والأصل في العبادة التوقيف، ولا يجوز أن نقيم عبادةً إلا بدليل، فالسجود عبادة في الصلاة، أما خارج الصلاة فإنه عبادة في مواضع دلت عليها الأدلة كما تقدم، وما سوى ذلك نحتاج إلى دليل في هذه المسألة. ولهذا الأظهر والله أعلم أنه لا يشرع هذا السجود، كما أن سائر الأعمال الأخرى التي تكون في صلب العبادة مشروعة، وخارج العبادة ليست بمشروعة، مثلًا الوقوف بعرفة، ولهذا لما قال بعض أهل العلم أنه يشرع التعريف وأنكر عليهم في ذلك، وقيل أن التعريف لا يشرع إلا بشروط وأسباب، لابد أن تتوفر شروط، وكذلك السجود لا يشرع إلا بوجود شروطه وأسبابه، ولم يدل على ذلك شيء، فلهذا كما أنه لا يشرع التعريف والوقوف في منى ورمي الجمار في غير الحج إلا في الحج، وإذا أراد إنسانٌ أن يفعله نقول هذا بدعة، كذلك أيضًا السجود خارج الصلاة نقول إنه على هذه القاعدة أنه بدعة فيما يظهر. وسهل بعض أهل العلم وقال أنه لا بأس به، وقال إنه إذا سجد من أجل الدعاء قالوا هذا سبب، فإذا سجد وعثر وجهه بالتراب لأجل الدعاء فقالوا إن السجود من جنس الأذكار الأخرى من التسبيح والتكبير والتحميد، فكذلك، وهذا كأنه يميل إليه شيخ الإسلام رحمه الله، وذكر أن بعض أهل العلم أن المسألة قولين. لكن هذا فيه نظر، وهذا قياس غير مطابق، كيف يقال أن السجود مثل التسبيح والتكبير ونحو ذلك، هذا فيه أمور كثيرة لمن تأمل في مسألة التسبيح، وأنه يشرح للإنسان التسبيح في أحواله كلها، ويشرع مطلقًا ومقيدًا، ويشرع في أحوالٍ عابرة، أما السجود المفرد الذي في غير صلاة ولغير سبب من الأسباب المتقدمة فالأظهر والله أعلم أنه لا يشرع، كما لو أراد إنسان أن يركع ركوعًا مجردًا، وإن كان هنالك فرق، لما ورد على بعضهم هذا قال إنه فرقٌ بينهما، فإن السجود جاء أنه يشرع في بعض الأحوال بخلاف الركوع، لكن في هذا ربما يفتح بابًا في هذه المسائل وهي أبواب العبادات، والأظهر والله أعلم أنه لا يشرع مفردًا، ثم أيضًا ما يدل عليه أن هذا السجود عبادة عظيمة، والنبي عليه الصلاة قال:" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد "(1)، فنص على كثرة الدعاء في السجود في الصلاة، وذكر التعظيم في الركوع، ولم يأت عنه حرفٌ واحد عليه الصلاة والسلام في السجود خارج الصلاة بسجودٍ مفرد، مع أن هذا في الحقيقة عبادة يسيرة، ربما بعض الناس يشق عليه مثلًا أن يقوم ويركع ويسجد، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه مسلم (482)، أبو داود (875) ، والنسائي 2/226، فإذا كان السجود وهو في الحديث أقرب ما يكون العبد أقرب لربه وهو ساجدٌ أنه مشروع فإن هذه العبادة سهلة ويسيرة، ولما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم شيءٌ في هذا لا من قوله ولا من فعله دل على أنه ليس بالأمر المشروع.


التعليقات