هل يجوز المسح على حذاء العسكرية ويسأل عن حكم الصلاة بها؟
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ,
نعم ، المسح يجوز على كل ما يستر القدم والكعبين ولا يشف ما تحته سواء كان من جلد أو من قطن أو من صوف ونحو هذا ، وهذا هو الصحيح وكذلك أيضاً من باب أولى المسح على الجلد فإذا كان هذا المسئول عنه نوع من ما يلبس ويستر كما بالجيش والذين يكونون في الجيش يلبسون أنواع تسمى أحياناً بساطيل وهي ساترة وهي إما أن تكون مثلاً من جلد أو تكون من غير ذلك ، المهم أنها سميكة فإذا توضأ الإنسان وضوءً كاملاً ثم لبس هذه البيادة ، فإذا كانت ساترة كما تقدم ففي هذه الحالة فلا بأس بها مثل الخف والجورب يمسح عليها، وكذلك أيضاً لو كان لبس شراب ولبس فوقه خفاً وكان الخف تحت الكعب، فالصحيح أنه يجوز المسح عليه يمسح عليهما جميعاً يمسح على الخف والجورب، فلو توضأ إنسان فلبس الشراب ثم لبس خفاً فوقه وهذا الخف دون الكعبين يجوز المسح عليهما؛ لأن المسح على الجميع ويبقى فيه حتى تنتهي مدة المسح ، لكن لو كان هذا اللباس دون الكعبين هل يجوز المسح عليه مثل بعض أنواع الكنادر؟ جمهور العلماء على أنه لا يجوز المسح عليه وذلك أنه غير ساتر للكعبين ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين من حديث ابن عمر قال : " وليقطعهم حتى يكون أسفل من الكعبين "(1)
وتقي الدين رحمه الله جوّز المسح عليهما وجوّز لبسهما للمحرم رحمه الله وقد يكون في الظاهر أن يكون فيه اختلاف من جهة أنه لما أمر عليه الصلاة والسلام بقطعهما فإنهما خرجا عن وصف الخفين أي أنهما دون الكعبين ولكنه - رحمه الله - يقول يعلل هذا بدليل ويعلل هذا بدليل ، يعلل دليل جواز لُبس المحرم ولو كان يجد النعل ، يقول لأنها خرجت عن وصف الخف، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بقطعهما، لأنها في هذه الحال لا تشبه الخف فلا فرق بين كونه واجد للخف أو واجد للنعل، أو ليس واجد له وهذا قول الأحناف ، أما مسألة المسح عليهما إن اشتراط الستر أن يكون الخف ساتراً المفروض لا دليل عليه، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام أطلق المسح، والقاعدة أن ما جاء مطلقاً فلا نقيده، وليس عندنا دليل لا من اللغة ولا من الشرع ولا من العرف لتقيده ، بل كل ما يسمى خفاً فإنه يمسح عليه على قاعدته - رحمه الله - في كل ما يسمى سفر فإنه يقصر فيه وهكذا في مسائل أجراها - رحمه الله - في هذا ، وعلى هذا يقول أنه لا دليل على اشتراط أن يكون القدم مستوراً ، و هي قاعدة يدل عليها نفر من الصحابة رضي الله عنهم، وفي أول الأمر كانت الخفاف تكون مخرقة وفيها شقوق ولو اشترط ستر المفروض لكان المحتاج لا يجوز له المسح، وغير المحتاج من الأغنياء يجوز له المسح، وهذا خلاف المعنى المقصود من المسح لأنها رخصة والرخصة يحتاج إليها من كان ضعيف ذات اليد، قليل ذات اليد ضعيف الحال ممن يكن لديه خف أو جورب، وهو فيه فتوق وشقوق وقال ما معناه أيضاً : كذلك في حكمه الخف الذي دون الكعبين فإنه يجوز المسح عليه لكن هذا كلامه - رحمه الله - فيه نظر وذلك أن الأصل أن يكون الخف بدلاً من الأصل ، والأصل أن القدم تغسل وغسلها يكون مع الكعبين وهذا بدل عنه، وكون الخف المخرق يجوز المسح عليه هذا شيء قد علم من حال الصحابة وقد علم من عموم الواقع في ذلك الوقت ولا يدل على جواز المسح على أي خف؛ وإلا يلزم عليه لو وجد بعض أنواع الجوارب التي توجد في هذا الوقت وتكون ساترة لنصف القدم لأن يقال يجوز المسح عليها أو ما يكون مما يشبه من النعال مما تسمى خفاف، ومثل هذا قد يفضي إلى أن يذهب المعنى المراد والمقصود في المسح على الخفين ، المقصود أن في الإجابة على السائل الأظهر أنه يجوز المسح عليها مادامت ساترة ولا تشف القدم ، نعم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (5806) ، ومسلم (1177).