يقول السائل : ما حكم من يبكي في الدعاء ولا يبكي عند قراءة القرآن؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
القلوب تختلف، والقلوب بيد الله سبحانه وتعالى، والإنسان يجتهد ويتأثر بقراءة القرآن، وبكاء الإنسان والتأثر عند قراءة القرآن أعظم إنما حينما يجتهد الإنسان ويقول: حضوره عند الدعاء أبلغ، نقول: لا أجد شيء عليه، ولا عيب عليه ولا نقص؛ لأنه ربما يكون حضور بعض الناس وخشيته وخشوعه عند الدعاء أبلغ منه عند قراءة القرآن، وإن كان عليه أن يجتهد في الحضور حال قراءة القرآن يجتهد بأن يخشع إن لم يبكي يتباكى.
روي في حديث سعد بن أبي وقاص وهو ضعيف «ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا»(1) حديث ضعيف لكن المعنى صحيح إنه يجتهد في طلب البكاء فإن لم يحصل هذا عند قراءة القرآن، وحصل عند الدعاء لا يضر؛ ولهذا قال العلماء: قد يكون المفضول فاضلًا؛ يعني بعض الناس يقول: أن أجد حال الدعاء وحال السؤال من الحضور والاجتماع، واجتماع سعة القلب أشد مما لو صليت وقراءة القرآن نقول لا بأس في ذلك وإن كان عند قراءة القرآن أو غير ذلك وخاصةً حينما تتأمل اجتهد حينما تقرأ القرآن في التأمل، وهذا ليس خاص بالمتعلم حتى غير المتعلم لو كان إنسان ليس عنده علم الله -عزَّ وجلّ- يقول: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر:17] هل من المتذكر، والميسر ولله الحمد. فأنت حينما تقرأ القرآن وتتأمل قد يفتح الله عليك من المعاني ما لا يفتحه عليك بغيره وغيره في هذا الوقت ولا على غيره بل قد يفتح الله -سبحانه وتعالى- على بعض الناس من غير المتعلمين لكن يقرأ القرآن نكت وفوائد واستنباطات عظيمة لا تفتح لغيره يجتهد الإنسان، والله سبحانه وتعالى الكريم الجواد نسأله سبحانه وتعالى أن يزيد من نعمته وفضله على المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا لْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا"
أخرجه مختصرًا أبو داود (1469) وابن ماجة(1337) وفي "مسند أحمد" (1476)، و"صحيح ابن حبان" (120). وأبو يعلى (689)، والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (85)، والبيهقي 10/ 231 .