• تاريخ النشر : 14/08/2016
  • 312
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : إذا وقع المسلم في معصية فهل ورد في السنة حديث صحيح يصلي ركعتين تسمى صلاة التوبة وأن يتصدق بشيءٍ من المال؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
نعم في حديث علي رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود وغيرهما. اختلف الحُفاظ في ثبوته(1)؛ البخاري رحمه الله تكلم فيه وهو برواية أسماء بن الحكم الفزاري, لكن الصلاة مشروعة بعموم الأدلة عند حصول المعصية،(2) وكذلك أيضًا الصلاة مشروعة عند الوضوء، وهذا الحديث احتج به أهل العلم في مشروعية ركعتي التوبة, وأنه يتوضأ ويصلي ركعتين. ثم إذا توضأ العبد شُرع له أن يُصلي ركعتين حتى ولو كان من غير معصية؛ فهما ركعتان من أجل الوضوء، كما في حديث أبي هريرة في قصة بلال «فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ»,(3) وكذلك في حديث بريدة عند الترمذي بسندٍ صحيح قال: «إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ»(4) ورواية الصحيحين:«إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» (5).  وأما الصدقة بشيءٍ من المال من الأمر المشروع وفيه أدلة صحيحة، منه ما ثبت في الصحيحين من حديثِ كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِن مَالي صدَقَةً إِلَى اللَّهِ», وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أمسِكْ عليكَ بعضَ مالِكَ فَهوَ خيرٌ لَكَ» في الصحيحين(6), وعند أبي داود بإسنادٍ صحيح «يجزئُكَ الثلثُ»(7), وكذلك رواه أبو داود من رواية أبي لبابة وقال أيضًا: يكفيك الثلث(8) فالمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أثنى على فعله من جهة أنه أمضاه لكن بيَّن له الشيء الذي يُشرع له. وكما تقدم الصدقة بالمال أمر مشروع, وفي حديث معاذ بن جبل عند أحمد والترمذي الطويل وفيه «وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»(9), هذا واضح أيضًا ودلالته أظهر بمعنى أن من عصى الله سبحانه وتعالى فإن الصدقة من أسباب إطفاء الخطيئة؛ وذلك أن الخطيئة فيها حرارة المعصية والذنوب فيها حرارة ولها أثر على القلب، والصدقة حينما تقدمها لأخيك المسلم فإنها تبعث في قلبه السرور والطمأنينة والراحة, وربما يكون في ضيق والحالة الشديدة فتُبرد عليه مصيبته, وتحصل له السعة بهذا المال, فيكون يعني فكًا لما اشتدَّ عليه من الأمر الذي انغلق عليه, فهذا نوعُ تبريدٍ للمصيبة التي نزلت به، فناسب أن تُبرد المعصية بمعنى أنها تطفئ حرارة الخطيئة والجزاء من جنس العمل. وكذلك ورد في حديث كعب بن عجرة عند الترمذي، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «وَالصَّلاةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»(10), وهذه الرواية جيدة برواية معاذ بن جبل. وحديث معاذ بن جبل له روايات يُقوي بعضها بعض مما يُدل على ثبوتها، أما ما رواه الترمذي من حديث أنس «إنَّ الصدقةَ تُطْفِئُ غضبَ الربِّ», هذه الرواية وإن كانت في هذا المعنى لكنها ضعيفة الإسناد من رواية عبد الله بن عيسى الخزاز وهو ضعيف, والثابت في الرواية هو: «وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»(11), فهذه المعاني والأدلة واضحة وصريحة في مشروعية الصدقة بالمال عند التوبة, وبهذا يجمع العبد بين التوبة القلبية, وبين الصلاة العملية, وبين الصدقة المالية. فإن اجتمعت هذه المكفرات فإنها تغسل الذنب غسلًا, وتُزيل أثره, وتكون سببًا في النشاط والانطلاق في أبواب الخير.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه أحمد في "مسنده " (56 ) ، وأبو داود في " سننه " (1521 ) ، والترمذي في " سننه " (406 ) و ( 5 / 228 / 3006 ) ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " ( 417). (2) عن أبي هريرة مرفوعاً: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء إذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء..الحديث. أخرجه مسلم رقم (246) (3) أخرجه البخاري رقم )1149) ومسلم رقم )2461). (4) أخرجه الترمذي (3689). (5) أخرجه البخاري رقم )1149) ومسلم رقم )2461). (6) أخرجه البخاري رقم )2787) ومسلم رقم )7192). (7) أخرجه أبو داود رقم (3319 ). وقال الألباني في صحيح أبي داود (3319) : إسناده صحيح " (8) أخرجه أبو داود رقم (3319 ). وقال الألباني في صحيح أبي داود (3319) : إسناده صحيح " (9) أخرجه النسائي  في الصغرى رقم (2224 ). وفي الكبرى رقم (2545) وأحمد في المسند رقم (21627) . (10) لم أقف عليه عند الترمذي وأخرجه ابن حبان في صحيحه (5567) والحاكم في المستدرك (9303) والطبراني في الكبير (309) وفي الأوسط (4480). (11) تقدم تخريجه


التعليقات