هذا سائل يسأل عن حديث كل سبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الحديث ضعفه كثير من أهل العلم، والأخبار الواردة في هذا الباب لا تصح(1)، فإن الله عز وجل يقول:{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ }(2) فلا أنساب في ذلك اليوم، الذي ينفع هو الدين، يقول تعالى:{ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}(3) والنبي عليه الصلاة والسلام قال:" يا فاطمة بنت محمد يا صفية عمة رسول الله، لا أغني عنكم من الله شيئاً"(4). فقالوا هذه الأدلة في الكتاب والسنة تدل على أنه لا ينفع نسب ولا سبب يوم القيامة، ومن أهل العلم من صحح الأخبار في هذا الباب من جميع الطرق، وهو قد رواه الطبراني عن عمر(5) وعن ابن عباس(6) ورواه الإمام أحمد أيضاً رحمه الله، وكذلك من طريق آخر، وكذلك أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد عنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة"(7) ، قال مجموع هذه الأخبار يدل على أن الخبر له أًصل، وجوز بعض أهل العلم هذه الأخبار فإن صح هذا الخبر فالأظهر هو ضعفه، لكن إن كانت هذه الأخبار تقوى وتجتمع وتكون من باب حسن وغيره، فهذا هو خاص للنبي عليه الصلاة والسلام. وعلى هذا يكون نسبه لأهل ما يتعلق بأهل الإيمان، وإن هناك شفاعة خاصة لقرابته عليه الصلاة والسلام من أهله، سوا الشفاعة العامة، فالإجابة على هذا لا نكر، فيقال أن هذه شفاعة خاصة لقرابته من أهل الإيمان، لأجل قربهم وصلتهم به عليه الصلاة والسلام. هذا من إكرام الله سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام، وجاء في بعض الأدلة ما يدل على بعض القرابة يشفع، مثل ما أن الفرض ومن تقدم المرأة من الولد ذكر وأنثى من يموت وهو صغير فإنه يشفع لوالديه(8)، فالنبي عليه الصلاة والسلام أيضاً هو أولى بهذا صلوات الله وسلامه عليه، فلا غرابة في معناه ولا نكرة إذا ثبت الخبر ولله الحمد، نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (5606) والحاكم (4684) الأحاديث المختارة 101 والبيهقي (13393) وانظر صَحِيح الْجَامِع: 4527 , الصَّحِيحَة: 2036
(2) [المؤمنون: 101 - 103].
(3) [الشعراء: 89 ].
(4) أخرجه مسلم (204) (348) ، والترمذي (3185) ، والنسائي 6/248،
(5) حديث عمر بن الخطاب أخرجه ابنُ سعد 8/463 الحاكم 3/142 والطبراني في "الكبير" (2635).
(6) حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في "الكبير" (11621) وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/173، وقال: ورجاله ثقات.
(7) أخرجه أحمد (11138).
(8)عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يُتَوَفَّى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ"
وأخرجه البخاري (1248).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: «اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا» فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا، مِنْ وَلَدِهَا ثَلَاثَةً، إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ»
وأخرجه البخاري (1249). ومسلم (2633).