يقول السائل: ما صحة حديث ليلة النصف من شعبان؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
ليلة النصف من شعبان تكلم العلماء عليها وبينوها، ومن أهل العلم من أثبت الأخبار في هذا الباب لأنها جاءت عن جمع من الصحابة، ومنهم من ضعفها والأظهر والله أعلم ثبوت أخبار واردة عن ليلة النصف من شعبان وبعضها أخبار في حكم الموضوع وأكثر أهل العلم من الحفاظ على ضعف الأخبار في هذا الباب، وأشهر ما ورد في هذا الباب حديث عائشة عند الترمذي وابن ماجة ، وهو" أن الله ينزل في ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب"(1)، وجاء في حديث أبي موسى عند ابن ماجة وإسناده ضعيف. (2) وورد أيضاً حديث آخر عن علي بن أبي طالب عند ابن ماجة(3)، ولكن هذا الخبر حكمه حكم الضعف في الحقيقة، والذي فيه" قوموا ليلها وصوموا نهارها"، هذا الخبر موضوع عن طريق أبي بكر ابن أبي سبرة وهو متهم بالوضع، وبهذا فهو خبر باطل، أما صوم ليلة النصف من شعبان، فبعض أهل العلم جوزها بمجموع الطرق، وكثير من أهل العلم قالوا لا تصح الأخبار، ولهذا عندما سئل بن مالك رحمه الله عن نزول الله عز وجل ليلة النصف من شعبان، قال الإسناد ضعيف، إن الله ينزل كل ليلة، ولا شك أن الله ينزل كل ليلة كما ثبت في الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام(4)، بل تواترت الأخبار لذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، فلذا هي كغيرها من الليالي فلا تخص بشيء من العمل، فمن كان من عادته أن يعمل عمل ذات ليلة فيستمر على هذا العمل، لكن لا يخص هذه الليلة ولا هذا اليوم بشيء من العمل، لأن تخصيص يوم أو وقت بشيء من العمل بدون دليل من البدع الإضافية التي ينكرها العلماء رحمة الله عليهم، نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه الترمذي (739) وابن ماجه (1389) ، وعبد بن حميد في "المنتخب" (1509) ، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (764) ، والبيهقي في "الشعب" (3826) والبغوي في "شرح السنة" (992) وقال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ،وسمعت محمداً - أي البخاري - يضعَف هذا الحديث وأخرجه - مطولأ ومختصراً - ابن أبي شيبة 1/437، وابن راهويه (850) ، والدارقطني في "النزول" (90) و (91) ، والبيهقي في "الشعب" (3824) من طرق عن حجاج، به. وقال البيهقي: إنما المحفوظ هذا الحديث، من حديث الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (3825) من طريق محمد بن رمح، عن يزيد بن هارون، عن الحجاج بن أرطاة، عن يحيى بن أبي كثير قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره هكذا مرسلاً. وأخرجه الدارقطني في "النزول" (92) من طريق سليمان بن أبي كريمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بنحوه ومطولاً.وسليمان ابن أبي كريمة ضعَّفه أبو حاتم، وقال ابن عدي:وعامة أحاديثه مناكير.
(2) حديث أبي موسى، فيرويه ابن لهيعة عن الزبير بن سليم عن الضحاك بن عبدالرحمن عن أبيه قال: سمعت أبا موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه .أخرجه ابن ماجه (1390) وابن أبي عاصم واللالكائي . قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة . وعبدالرحمن وهو ابن عزرب والد الضحاك مجهول.وأسقطه ابن ماجه في رواية له عن ابن لهيعة .
(3) أخرجه ابن ماجة(1388) البيهقي في "شعب الإيمان" (3822)، وفي "فضائل الأوقات" (24)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي بكر بن عبد الله بن محمَّد بن سبرة 33/ 107 . من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا، وَصُومُوا نَهَارَهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ، أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" وإسناده ضعيف جدا بل واه، ابن أبي سبرة -وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمَّد القرشي- رموه بالوضع. إبراهيم بن محمَّد: هو ابن علي بن عبد الله بن جعفر.
(4) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " أخرجه البخاري (1145) ومسلم (758) ،