مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يسأل عن قول النَّبي صلى الله عليه وسلم " إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ " ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذا الحديث يبين عظمة هذه الشَّريعة وعظمة هذا الدين، وأن مبدأ الإسلام مبدأ الأخوة والمحبة " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"[1]،"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"[2] هذا وصف أهل الإيمان وأهل الإسلام، أخوة الصغير والكبير، الرئيس والمرءوس، والملك وسائر الرعية، والسيد ومن يملكه كلهم أخوة، وإن كان أخوك مملوكاً لك مقتضى الأخوة الإيمانية أن تعرف حقه بإكرامه بالإحسان إليه. وإنه ثبت عن أبي ذر في حديث أنه عيَّر رجلاً بأمِّه فقال النَّبي عليه الصلاة والسلام  :" يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ[3] جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ"[4] وفي لفظ آخر في صحيح مسلم: " إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ"."خولكم": أي خدمكم، خول من التخول يعني يتخولونكم، ويتخولون حاجتكم، ويتفقدونها وهو التخول والتفقد ومنه قول ابن مسعود- رضي الله عنه -في صحيح البخاري أنه قال: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا»[5] "التخوُّل": هو التعاهد والتفقد. فهذا معنى إخوانكم خولكم. فإذا كان أخوك تحت يدك وهو يخدمك ويقوم بتقديم الطعام والشراب لك، فعليك أن تكرمه، وعليك أن تحترمه فهو أخوك في الإيمان، أخوك في الإسلام . وكما في الصحيحين أنه أمر عليه الصلاة والسلام :«إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامًا ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ لِيَأْكُلَ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أَكْلَةً أَوْ أَكْلَتَيْنِ» [6]  الأُكْلة بمقدار اللُّقْمة، والأَكْله بالفتح هي الوَجْبة . هذا أنه واجب الشَّريعة، وهدي الدين والكرامة التي جاءت بها الشَّريعة كما قال الله تعالى:{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }[7]، وفي الحديث الآخر " فَلَيْسَ أَحَدٌ أَكْرَمَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ"[8].



[1]- [الحجرات/10] [2]-  [التوبة/71] ([3] ) خولكم : الخول - بفتح المعجمة والواو - هم الخدم، سموا بذلك لأنهم يتخولون الأمور أي يصلحونها، ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان. فتح الباري لابن حجر 5/ 207. [4] - البخاري (30) ؛ ومسلم (1661) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه . [5] - أخرجه البخاري: (70) ومسلم (2821)، والترمذي (2859) . [6] -   أخرجه البخاري (2418) ومسلم: (1663). [7]- [الحجرات/13] [8] -  أخرجه البخاري في الأدب المفرد(898).


التعليقات