• تاريخ النشر : 22/08/2016
  • 287
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : حديث (صوموا تصحوا) هل صح عن النَّبي صلى الله عليه وسلم؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; وردت أخبار في هذا الباب من طرق ضعيفة جداً وطرق فيها ضعف؛ منها من احتمله فنظر إلى مجموع الطرق فقواه، ومنهم من لم يلتفت إلى هذه الطرق، وقال: إن توارد الضعفاء عليها، وبعضها من طرق رواة متروكين مما يدل على ضعفها وأنها لا تتقوى . والحديث له روايات، منها رواية الطبراني في الأوسط[1] رواية أبو نعيم في الطب من حديث أبي هريرة وإسناده ضعيف[2].والأظهر  والله أعلم هو عدم ثبوت الخبر .ثم الخبر فيه نظر صوموا تصحوا. الشَّريعة جاءت بالصوم لعبادة وشعيرة ومعنى أعلى وأرفع، وإن كان صحة البدن مطلوبة، لكن لا بد أن يعلم أن الشَّريعة جاءت بالمصالح العظيمة في الأبدان تبعاً للمصلحة العظمى في هذا الدين، وجاءت لحفظ الضروريات الخمس[3]، ومنها حفظ الأبدان، فالشَّريعة كلها جاءت بالخير، والهدى بحفظ الروح، وتزكية الروح، ونقاء الروح، وطهارة الروح، ويتبعه البدن،  ولا شك لا صحة للبدن، وأنه لا صلاح له ولا استقامة له إلا بتزكية الروح. كلما زكت الروح كلما طابت الروح في أعمال الشَّريعة، في أعمال الدين   طاب البدن . والروح لا تطيب إلا بالطيب من الطعام الحلال، من الطعام الزكي، من الطعام الذي يخلو مما يفسد البدن؛ ولهذا حرمت الشَّريعة ما يضر البدن، وما يفسد في العقول، وما يتلفه من الميتات والدم الحرام ولحم الخنزير وما أشبه بالأمور المحرمة , فالمقصود الشَّريعة جاءت بهذا كله ولله الحمد. وهذا الخبر إن كان ثابتاً فنعلم ولله الحمد أن الشَّريعة جاءت بصوم واجب من  شأنه أن يتكرر كل عام على المكلف بشروطه، وجاءت أيضاً بما يتعلق بصحة البدن كما تقدم. فجاءت بالصوم الذي هو مفروض، وجاءت أيضاً بالصوم الذي هو تطوع.وإن كان هذا الخبر غير صحيح فقد جاءت بما  يدل على هذا، فإن كان هناك منافع فالحمد لله. فالشَّريعة قد جاءت بهذا والإنسان لا يقصد إلا وجه الله، وإن قصد بعض المصالح والمنافع الدنيوية فإنه لا بأس في ذلك. وهذا معروف في كلام أهل العلم حتى وإن قام الإنسان يصلي ينوي تخفيف بدنه وصحة بدنه أو صام نوى بهذا الشيء أو أنه يكثر من الطواف لينوي الصحة لبدنه وتخفيف بدنه وما أشبه بذلك من الأمور المباحة، فهذا لا بأس به، ويصح، ولهذا فالمقام الذي يكون مباحاً لا يؤثر في بطلان العبادة، أما المقام المحرم من السمعة والرياء وما أشبه ذلك. فأقول: ولله الحمد إن الأخبار إن كانت ثابتة فقد جاءت الشَّريعة بما يدل على معناها؛ الحث على الصوم من أجل الصوم الواجب والحث على الصوم عموماً في بعض أنواع النوافل.



([1] ) المعجم الأوسط 8/ 174 (8312)، وقال الهيثمي في المجمع (3/ 179): رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه موسى بن زكريا، فإن كان الراوي عن شباب فقد تكلم فيه الدارقطني، وإن كان غيره فلم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وهو في مسند أحمد (8932) من وجه آخر عن أبي هريرة دون قوله: صوموا تصحوا. ([2] ) "تخريج الإحياء" (3/87) . "تذكرة الموضوعات" (70) . "الموضوعات" للصغاني (72) . ([3] ) ينظر قواعد الأحكام 2/23، وانظر : نهاية السول 3/846، نشر البنود 2/173.


التعليقات