يقول السائل : هل يصح الأثر القائل أول علم يرفع هو علم الفرائض وبين أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
من الحديث الوارد أن أول علم يرفع علم التركة وعلم المواريث هذا لا يثبت، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:« تعلموا الفرائض وعلموها، فإني امرؤ مقبوض، وهو أول علم يرفع»(1) رواه ابن ماجه، وسنده ضعيف لا يثبت.
أما حديث رفع الخشوع أن العلم هو أول ما يرفع من الأرض، فهذا الحديث ليس مروي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما ما ذكرت من كلام عبادة بن الصامت يرويه عنه جبير بن نفير أنه قال:" يا جبير إن أول علم يرفع هو الخشوع حتى تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيهم خاشعًا"(2)، وأثره ثابت عنه – رضي الله عنه-.
ذكرت أن هذه العبادات من الخشوع وقد يسميها السلف علم يجعلونها علم؛ لأن حقيقة العلم هو العمل وعلى هذا لا يتعارض؛من جهة أن الخبر هذا لم يثبت، ومن جهة أن ما نقل من كلام عبادة، ولو ثبت فلا تعارض؛ لو ثبت فيما يظهر والله أعلم
حديث أنه أول علم يرفع علم الفرائض والمواريث، وأن عبادة قال إن أول علم يرفع هو الخشوع لا تعارض؛ لأن نحمل أول علم يرفع من باب العلم الذي هو من باب تعلم العلم والأحكام، ويكون الخشوع من باب تعلم علم القلب والجوارح، فهذا علم بمعنى الأحكام الشرعية، وهذا علم يتعلق بعلم القلب والسجود والعبادة التي هي عبادة العمل.لو فرض أنه ثبت هذا الخبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن ماجة (2719) والطبراني في "الأوسط" (5293)، والدارقطني (4059)، والحاكم 4/ 331، والبيهقي 6/ 208 - 209، وأخرجه الترمذي (2220) من طريق الفضل بن دلهم، عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة. وهذا إسناد قد اختُلف فيه على عوف الأعرابي ولهذا قال الترمذي: هذا حديث فيه اضطراب.
(2) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: «هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ العِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ» فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا القُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ عِنْدَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟» قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ: «صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ؟ الخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا»
أخرجه الترمذي (2653) والدارمي (288)، والحاكم (338)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2137)