قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه فإذا أراد أن يضجع فليضجع على شقه الأيمن وليقل سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فارحمها وأن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)() السؤال كيف تكون الطريقة هل ينفض فراشه ؟
الجوارب: هذا الحديث له روايات فمن هذه الرواية ذكر التسمية وذكر الاضطجاع على شقه الأيمن وإن كان الاضطجاع على شقه الأيمن ورد أيضًا في حديث البراء بن عازب في الصحيحين، لكن في رواية البخاري أنه قال (( فليأخذ داخلة إزاره فلينفض ثلاث مرار)(2) وجاء عند مسلم (( وليسم الله)) (3) فتحصل من هذا الخبر أن السنة لمن أوى إلى فراشه أن يأخذ بداخلة إزاره والطريقة ظاهرة من الخبر قال داخلة إزاره داخلة الإزار هو الشيء هو الذي يلي الجلد وذلك أن الأزر كانت في ذلك الوقت وإلى يومنا هذا في كثير من البلدان أن الذي يلبس الإزار يمسك شقه الذي يلي الجلد باليد اليسرى فيثبتها على الجلد ثم يلصق ما بيده اليمين ويديره على ما ألصق بجلده على الشق الذي على جلده والمعنى أنه حينما يريد أن ينفض هذا الفراش فيكون بالشق الداخلي الذي إلى جلده وقال كثير من أهل العلم إن هذا حماية للإزار حتى يجعل الظاهر نظيف فينفض فراشه بالشق الداخل الذي لا يظهر ويكون الشق الظاهر نظيف لأنه حينما ينفض فراشه قد يعلق به أذى قد يعلق به وسخ من الفراش فليجعل هذا بالشق الذي لا يظهر ليكون ما يظهر يكون حسن وفيه دلالة على أن الإنسان يجتهد في أن يكون منظره وملبسه حسنًا وإذا كان مثلاً لديه ثياب دون وثياب يعني أنظف يجعل النظيف هو الظاهر وما دون ذلك هو الداخل على ظاهر هذا الخبر وعلى ما فسره جمع من أهل العلم ومنهم من فسره بتفسيرات أخرى والأظهر هو هذا والله أعلم وهذا ظاهر (( فليمسك بداخلة إزاره ثم ينفض بها فراشه)) هذا إذا كان يعني ينفض بإزاره وربما يعني مع السعة أن الإنسان ينفض بما تيسر ربما بفوطة ربما بشيء ينفض به الفراش وهذا مثل ما قال عليه الصلاة والسلام (( لا يدري ما خلفه على فراشه)) وظاهر هذا الخبر أنه أيضًا في أي رجوع غلى الفراش سواءٌ كان في الليل أو في النهار ويدل له رواية عند الترمذي قال (( إذا قام أحدكم ثم أراد أن يرجع إلى فراشه)) فذكر نحوًا من هذا الخبر فليس خاصًا بإوائه في الليل بل كلما أراد الرجوع إلى فراشه فإنه لا يدري ما خلفه عليه وهذا وارد في أمورٍ كثيرة تتعلق مثلاً بالشرب والأكل وأن الإنسان يعتني بطعامه ويعتني بشرابه وجاءت السنة بالأمر بتغطية الآنية وإيكاء الأسقية(4) فهذا كله جارٍ على هذه القاعدة في الحماية والأخذ بالأسباب الحسية والأسباب الشرعية يعني أضاف إلى الأسباب الشرعية الأسباب الحسية في الحماية من أسباب الأذى ومن ذلك أيضًا الفراش لأن الفراش ربما يأتي حشرة ربما ينطوي شيء فيكون قد أخذ بالسبب حينما ينفض فراشه ويعتني بما جاء في السنة من هذه الأسباب وفيه دلالة على أن هذه الشريعة جاءت بخيري الدنيا والآخرة وما يصلح الروح والبدن فلله الحمد على ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (6320) ، ومسلم (2714) ،
(2) أخرجه البخاري (7393) ،وانظر (2428).
(3) أخرجه مسلم (2714) ،
(4) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَمْ يُغَطَّ، وَلَا سِقَاءٍ لَمْ يُوكَ، إِلَّا وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»
أخرجه مسلم (2014) ، وعبد بن حميد في المسند (1140) .