يقول السائل : هل المقصود بحديث «مَن صَلَّى الصُّبحَ فِي جَمَاعَةٍ» هل الجماعة مع الإمام أم له أن يقيم جماعةً في بيته لمن صلى الصبح؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أولًا الحديث هذا يعني لعلَّه أراد في الجلوس بعد صلاة الفجر هذا المراد الجماعة (الجماعة الراتبة) لا جماعة البيت، من صلى في بيته وترك الجماعة لا يجوز له ذلك «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلا صَلاةَ لَهُ»(1) يقول عليه الصلاة والسلام، وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود بإسنادٍ صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام:«هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاء؟ قَالَ: نَعَمْ أَجِبْ»(2) أتسمع النداء؟ النداء أين يكون؟ يكون في المساجد؟ ومعلوم أن البيوت لا تخلو من جماعة يكون في بيت الرجل تكون زوجته، يكون إخوانه، يكون أولاده معلوم أن البيوت لا تخلو، وبل إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ معهم حزم من حَطَبٍ إِلَى أقَوْامٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ وأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ»(3)، عند أبي داود «يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ جَمْاَعة مَاَ بِهِمْ مِنْ عِلَّةٌ»(4) يصلون في بيوتهم مجتمعون هؤلاء ليسوا كفارًا ليسوا منافقين النفاق الأكبر الذين إذا خلو كان منهم الكفر والمشاقة والمحادة لله سبحانه وتعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام إنما هم عندهم نفاق أصغر نفاق عملي، فالنبي همَّة بذلك عليه الصلاة والسلام والأحاديث في هذا كثيرة.أتى رجلٌ للنبي عليه الصلاة والسلام: وعند أبي داود أنه ابن أم مكتوم « فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّه إنِّي رَجُلٌ أَعمْىَ شَاسِعُ الدَّارِ والمدينة كَثِيرة اَلهَوام وَلِيس لي قَائِدٌ يُلَاومُنِي فَهَلْ تَجد لِي رُخْصَةٌ؟ قَاَل: نَعم، قَاَل: تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً»(5).
فلذا المراد الجماعة في الأحاديث جماعة المساجد فلا يجد إنسان يصلي في بيته بلا عذر ولو كانوا جماعة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا قال: حي على الصلاة خرج إلى المسجد عليه الصلاة والسلام إلا إذا كان المسجد منك بعيد مثلًا أو خشيت أن تفوت الجماعة ونحو ذلك أعذار عامة هذا لا بأس به فمن مثل هذا فصلى في بيته فكأنما صليت مع الناس لا ينقصه من شيء ورد في هذا حديثان عنه عليه الصلاة والسلام إنما الذي جاء غير ذكر الجماعة فيمن من صلى الفجر فهو في ذمة الله، وسبق أن المراد صلاتها على وجه المطلوب. المرأة تصلي في بيتها، والرجل يصلي مع الناس مع الجماعة؛ لأجل أن لا يفوت واجبًا لأن من فوت واجبًا فقد فتح بابًا عليه وهو ترك هذا الواجب وهو صلاة الجماعة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في صلاة العشاء والفجر:«أثقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا »(6) ومثل هذا لا يمكن أن يقال: إن من صلى الفجر وهو متصف بصفة النفاق في بيته أن يكون داخل في الحديث الوارد؛ لأنه قال: «أثقل الصلاة على المنافقين» وصفهم بوصف النفاق، وحديث ابن مسعود أيضًا: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِها إِلَّا مُنَافِق مَعلوم النِفَاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين؛ أي يحمل حتى يقام في الصف»(7)، وهذا إجماع من الصحابة رضي الله عنهم، وقال ابن عمرو كما عند البزار:" كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر اتهمناه"(8) إنسان ما صلى العشاء والفجر اتهمناه إما في دينه أو دنياه.إما في دينه في بدنه مريض أو في دنياه. لماذا تخلف؟ بغير عذر هذا من سمات المنافقين فالواجب هو إجابة النداء «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَارِغًا صَحِيحًا فَلَمْ يُجِبْ، فَلا صَلاةَ لَهُ» أيضًا في حديث أبي موسى عند أحمد (9).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أخرجه أبو داود (551) ، وابن ماجه(793) والدارقطني 1/420-421، والطبراني "12266"، والحاكم 1/245-246،
(2) حديث أبي هريرة عند مسلم (653)، والنسائي في "الكبرى" (925).
(3)أخرجه البخاري (10935) ومسلم (251)(651).
(4) أخرجه أبو داود (549) ،
(5) أخرجه أبو داود (552) وابن ماجه (792) وهو في "مسند أحمد" (15490).
(6) وأخرجه البخاري (657)، ومسلم(252) (651).
(7)أخرجه مسلم (654)، وأبو داود (550)، والنسائي 2/ 108 - 109 ، وهو في "المسند" (3936).
(8)عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ»،أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3353) ،وابن حبان(2099), صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 417، صحيح موارد الظمآن: 364
(9)حديث أبى موسى الأشعري عند الحاكم 1/ 246، والبيهقي 3/ 174، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 342 ولفظه:"من سمع النداء فارغاً صحيحاً، فلم يُجب فلا صلاة له"وإسناده صحيح أو قوي انظر تلخيص الحبير (2/30)