يقول السائل : ما صحة حديث ((لا تنفتوا الشيب فإنه نور المؤمن))؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الحديث جاء برواية ((نور المسلم)) وهذا الحديث جاء عن طرق كثيرة عن جمع من الصحابة، منها من حديث عبد الله ابن عمرو ابن عاص(1)، وكذلك من حديث فضالة ابن عبيد(1)، ومن حديث عمرو بن عبسة(1)، وحديث كعب بن مره(1) أنه عليه الصلاة والسلام قال: الشيب نور المؤمن)) وفي رواية ((لا تنتفوا الشيب فإنه نور المؤمن)) وفي لفظ ((ما من مسلم ينتف شيبه إلا كانت له نورًا يوم القيامة)).
وهذه الروايات الأربع عن الصحابة رواها الإمام أحمد رحمه الله، فالحديث صحيح، وبعض طرقه جيد، وبالنظر إلى اللفظ فهو صحيح جزمًا، وراية كعب بن عجرة وعمرو بن عبسة رواها الترمذي مع الإمام أحمد، فالحديث صحيح في قوله (( مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) ثم أطلق ((مَنْ شَابَ شَيْبَةً)) قد تكون الشيبة في حال شبابه، يعني ربما يحلقه الشيب في حال شبابه، وربما يلحقه بعد ذلك، فقد يكون سبب الشيب أنه أمتد به العمر، فعلاه الشيب، وقد يكون سبب الشيب لأسباب وراثية، وقد يكون لأسباب مرض ونحو ذلك، والحديث عام في جميع الأحوال، لهذا قال : ((مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). وهذا يظهر والله أعلم عام في شعر الرأس وشعر اللحية، وقال: ((لا تنتفوا الشيب)) نفس الأحاديث هذه في ألفاظ ((لا تنتفوا الشيب)) فنهى عن نتف الشيب والعلماء مختلفون، والجمهور على أن نتف الشيب مكروه، وذهب بعض أهل العلم على أنه محرم، وهو ظاهر الحديث، والذين نقلوا أنه: مكروه قالوا: التعليل بأنه نور المؤمن، لكن هذا.. أو ربما يكون سبب هذا من باب التعليل أو لأنه عام، وعلم أن شعر الرأس لا بأس من أخذه، إنما النهي عن شهر الوجه.فشعر الوجه لا يجوز حلقه فنتفه من باب أولى، نتفه من باب أولى، ولهذا اللحية أخذ الشيب فيها القول بتحريمه متوجه، بمعنى أن ينتفها ((لا تنتفوا)) نتف الشيب، أما كونه مثلًا تتساقط هذا لا إشكال فيه؛ لأن كونه ينتف هذه الشيبة القول بتحريم النتف في شعر اللحية، ربما يعمم في شعر الوجه في المواضع التي ينبت فيها الشعر، لا المواضع التي لا ينبت فيها الشعر المعتاد مثل الحاجبين ونحو ذلك، ولا المواضع التي يأمر بإزالة الشعر كشعر الشارب، إنما المواضع التي نهي عن أخذها والنبي عليه الصلاة والسلام لعن النامصة والمتنمصة وهذا كما يكون في حق المرأة يكون في حق الرجل من باب أولى؛ لأنه إذا نهيت المرأة وهي في الغالب تفعل ذلك زعمًا من باب الزينة، فالرجل من باب أولى أن يتأكد النهي في حقه، فالقول بتحريمه في شعر اللحية متوجه من جهة عموم الأدلة في النهي عن أخذ شعر اللحية، وخصوص الأدلة في الشعر الأبيض فيكون النهي عن أخذ الشعر الأبيض من عموم الأدلة ومن خصوصها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود (4203) والترمذي (3031) وابن ماجه (3721)، والنسائي في "الكبرى" (9285) عن عمرو بن شعيب، به بلفظ: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن نتف الشيب. زاد ابن إسحاق عند ابن ماجه: وقال: "هو نور المؤمن"، وعند الترمذي: وقال: "إنه نور المسلم". وهو في "مسند أحمد" (6672).
(2) عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشيب نور في وجه المسلم , فمن شاء فلينتف نوره ) . سلسلة الأحاديث الصحيحة (1244).
(3) في مسند أحمد وسنن الترمذي ( 1635 ) عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
(4) في سنن الترمذي ( 1634 ) عن كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .